للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ظهره؛ فقال: أحسنت والله يا بحتري وجئت بما في نفسي، وأمر لي بألف دينار. وقال غير وهب الراوي للخبر، قال البحتري: قد كنت عملت هذه الأبيات في غلام كنت أكلف به، فلما أمرني المتوكل بما أمر تنحيت فقلت الأبيات وأريته أنني عملتها في وقتي وما غيرت فيها إلا لفظة واحدة فإنني كنت قد قلت:

لا أرتني الأيام فقدك ما عشت

فجعلته يا فتح.

وتحدث الشمشاطي علي بن محمد، حدثني محمد بن عبد الله، حدثني أحمد بن الفضل الهاشمي، حدثنا علي بن الجهم القرشي قال: دخلت على المتوكل يوما وهو جالس وحده فسلمت عليه فردّ السلام وأجلسني، فحانت مني التفاتة فرأيت الفتح بن خاقان واقفا في غير رتبته التي كان يقوم فيها، متكئا على سيفه مطرقا، فأنكرت حاله، فكنت إذا نظرت إليه نظر إلى الخليفة فإذا صرفت وجهي نحو الخليفة أطرق، فقال: يا علي أأنكرت شيئا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: ما هو؟

قلت: وقوف الفتح في غير رتبته التي كان يقوم فيها، قال: سوء اختياره أقامه ذلك المقام، قلت: ما السبب يا أمير المؤمنين؟ قال: خرجت من عند قبيحة آنفا فأسررت إليه سرا فما عداني السرّ أن عاد إليّ، قلت: لعلك أسررته إلى غيره يا أمير المؤمنين، قال: ما كان هذا، قلت: فلعل مستمعا استمع عليكما، قال: ولا هذا أيضا، قال: فأطرقت مليا ثم رفعت رأسي فقلت: يا أمير المؤمنين قد وجدت له مما هو فيه مخرجا، قال: ما هو؟ قلت: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا المستمرّ بن سليمان عن أبي الجوزاء قال: طلقت امرأتي في نفسي وأنا في المسجد ثم انصرفت إلى منزلي فقالت لي امرأتي: أطلقتني يا أبا الجوزاء؟ قلت: من أين لك هذا؟

قالت: خبرتني جارتي الأنصاريّة، قلت: ومن خبّرها بذلك؟ قالت: ذكرت أن زوجها خبرها بذلك، فغدوت على ابن عباس فقصصت عليه القصة فقال: علمت أن وسواس الرجل محدّث وسواس الرجل فمن ها هنا يفشو السر.

قال أبو نعيم: فكان في نفسي من هذا شيء حتى حدثني حمزة الزيات قال:

خرجت سنة من السنين أريد مكة، فلما جزت في بعض الطريق ضلّت راحلتي فخرجت أطلبها، فإذا باثنين قد قبضا عليّ أحسّ حسّهما وأسمع كلامهما ولا أرى

<<  <  ج: ص:  >  >>