ولو لم يكن يلقي على جمر خدّه ... من الطرّة السوداء ظلّة أنقاس
إذن لأضاء الليل حتى انجلت لنا ... هواجس تخفيهن أفئدة الناس
وكتب الإمام صدر الأفاضل إلى بعض أصدقائه: كتابي إلى المجلس الرفيع جمال الحرمين إمام الفريقين يديم الله رفعته ثم يديم، وينيم عنه طوارق الحدثان ثم ينيم، وأنا إليه كالصادي إلى قعقعة الحمد، وبجماله [مشغوف] كهو بجمال المجد، لا أروي إلا عن فضله وأفضاله، ولا أرتوي إلا من ورده وزلاله، ولا أتحسر إلا على ليال وشيتها بجواره، ثم طرزتها بحواره:
إذا ذكرتها النفس باتت كأنها ... على حدّ سيف بين جنبيّ ينتضى
تولّى الصبا والمالكية أعرضت ... وزال التصابي والشباب قد انقضى
رفع الله البين من البين، حتى أرى نضاره في قميص من اللجين.
ومن إنشائه إلى الدار العزيزة ببغداد حرسها الله تعالى: رايات مولانا الصوّام القوّام أمير المؤمنين وإمام المتقين وخليفة ربّ العالمين، الإمام الذي ليس للتابعين غيره إمام، ولا دون عتبته متمسك واعتصام، هي التي لم أزل أدعو الله أن يعقد بعذباتها النصر، ويجعل من أشياعها الذئب والنسر، تسايرها الآمال، وتحل حيثما رفعت الآجال، وتحتف بها الجدود، وترفرف عليها السعود، وهذا دعاء لو سكتّ كفيته، وأمل وإن لم أسأله فقد أوتيته، منى العبد أن يسعى إلى المواقف المقدسة مسعى القلم، يحبو على رأسه لا على القدم، ليشمّ بثراها الثريّ، لخلخة المسك الذكيّ، ويعفّر بها جبينه وأنفه، ويجيل في مسارح الحمد طرفه، ويستلم عتبة بها