ثم البيتان، فاستحسنها الجماعة وأقسموا على المغني أن لا يغنيهم غيرها، فمضى يومهم أجمع بهذه الأبيات. وأنشد أيضا للحريري:
لا تخطونّ إلى خط ولا خطأ ... من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا
وأيّ عذر لمن شابت ذوائبه ... إذا سعى في ميادين الصبا وخطا
ومن شعره:
خذ يا بنيّ بما أقول ولا تزغ ... ما عشت عنه تعش وأنت سليم
لا تغترر ببني الزمان ولا تقل ... عند الشدائد لي أخ ونديم
جربتهم فإذا المعاقر عاقر ... والآل آل والحميم حميم
ولابن الحريري من التصانيف: كتاب المقامات. كتاب درة الغواص في أوهام الخواص. كتاب ملحة الاعراب، وهي قصيدة في النحو. كتاب شرح ملحة الإعراب. كتاب رسائله المدونة. كتاب شعره.
حدثني أبو عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثي قال، سمعت القاضي أبا الحسن علي بن جابر بن زهير يقول، سمعت أبي أبا الفضل جابر بن زهير يقول: كنت عند أبي محمد القاسم بن الحريري البصري بالمشان أقرأ عليه المقامات، فبلغه أن صاحبه أبا زيد المطهر بن سلام البصري الذي عمل المقامات عنه قد شرب مسكرا، فكتب إليه وأنشدناه لنفسه:
أبا زيد اعلم أنّ من شرب الطلا ... تدنّس فافهم سرّ قولي المهذب
ومن قبل سميت المطهّر والفتى ... يصدّق بالأفعال تسمية الأب
فلا تحسها كيما تكون مطهرا ... والا فغيّر ذلك الاسم واشرب
قال: فلما بلغه الأبيات أقبل حافيا إلى الشيخ أبي محمد وبيده مصحف، فأقسم به ألا يعود إلى شرب مسكر، فقال له الشيخ: ولا تحاضر من يشرب.
حدثني ابن الدبيثي قال، وأنشدني ابن جابر قال، أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن المنقبة الفقيه بالرحبة لنفسه يعارض أبا محمد ابن الحريري في بيتيه اللذين قال فيهما: أسكتا كل نافث وأمنا أن يعزّزا بثالث: