الليث: أما الموت فبقاء، وأما الجنازة فهو سرير وملك، وأما ما حملوك فهو ما علوتهم وكنت على رقابهم، وأما الغراب فهو رسول، قال الله تعالى فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ
(المائدة: ٣١) يقدم فلا ينفذ أمره. فما مكثوا إلا يومين أو ثلاثة حتى قدم رسول من عند الخليفة في حمل عليّ بن عيسى، فاجتمع قواد خراسان فأثنوا عليه خيرا ولم يتركوه يحمل وقالوا: يخشى انتقاض البلاد فبقي.
قال المنذري: هو الليث بن المظفر بن نصر بن سيار صاحب العربية وكان له ابن يقال له رافع؛ سمعت بعض أصحابي قال، سمعت محمد بن إسحاق السرّاج قال، سمعت إسحاق بن راهويه قال: سألت رافع بن الليث بن المظفر عن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: كلّ مسكر حرام، أيقع على جميع المسكر، يعني جميع ما يسكر منه من قليله وكثيره أم على الشربة التي تسكرك؟ فقال: بل على جميع ما يسكر منه من قليله وكثيره إذا أسكر كثيره فقليله بمنزلته، ولو كان عنى الشربة التي تسكرك لقال: كل سكر حرام.
قال ابن المنذري: وبلغني أنّ المظفر بن نصر مرّ به عناق وابنه الليث قد حضره، فقال له وأراد أن يخبره: ما هذا؟ فقال: بز بالفارسية، فقال: لأسيرنّك إلى حيث لا تعرف بز، فسيره إلى البادية، فمكث فيها قريبا من عشر سنين أو أكثر، ففيها تأدّب ثم رجع، فعجب أهله من كثرة أدبه. هذا آخر ما كتبته من خط الأزهري وكتاب المنذري.
وحدث الحاكم أبو عبد الله بن البيّع في «كتاب نيسابور» عن العباس بن مصعب قال: سئل النضر بن شميل عن الكتاب الذي ينسب إلى الخليل بن أحمد ويقال له «كتاب العين» فأنكره، فقيل له: لعلّه ألفه بعدك فقال: أو خرجت من البصرة حتى دفنت الخليل بن أحمد.
وحدث أبو الحسن علي بن مهدي الكسروي، حدثني محمد بن منصور المعروف بالراح المحدث، قال قال الليث بن المظفر بن نصر بن سيار: كنت أصير إلى الخليل بن أحمد فقال لي يوما: لو أن إنسانا قصد وألّف حروف اب ت ث على ما أمثّله لاستوعب في ذلك جميع كلام العرب، وتهيأ له أصل لا يخرج منه شيء البتة،