للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحسب الظبي إذا طاف بها ... قبل أن يسقيكها مختضبا

قال الهائم فقد قال بكارة الرّسعنيّ:

وبكر شربناها على الورد بكرة ... فكانت لنا وردا إلى صحوة الغد

إذا قام مبيضّ اللباس يديرها ... توهمته يسعى بكمّ مورد

وقول أبي النضر النحوي «١» :

فلو رآني إذا اتكأت وقد ... مددت كفّي للهو والطرب

يخالني لابسا مشهّرة ... من لازورد يشفّ عن ذهب

فبدأت أذكر شيئا فقال الهائم: اصبر اصبر فها هنا ما لا يلحقه شعر أحد كان في الدنيا قطّ حسنا وجودة، وهو قول مولانا الملك من أبيات:

وشرب الكأس من صهباء صرف ... يفيض على الشروب يد النضار

فقطعت المذاكرة، وأقبلت أعظّم البيت وأفخم أمره وأفرط في استحسانه والاعتراف بأنني لا أحفظ ما يقاربه في الحسن والجودة فأذاكر به.

قال التنوخي «٢» : وكنت بحضرته في عشية من العشايا في مجلس الأنس، وكان هذا بعد خدمتي له في المؤانسة بشهور يسيرة، فغنّي له من وراء ستارته الخاصة صوت وهو:

نحن قوم من قريش ... ما هممنا بالفرار

وبعده أبيات بعضها ملحون وبعض جيد، فاستملح اللحن وقال: هو شعر ركيك جدّا فتعلمون لمن هو ولمن اللحن؟ فقال له أبو عبد الله ابن المنجم: بلغني أن الشعر للمطيع لله وأن اللحن له أيضا: فقال لي: اعمل أبياتا تنقل هذا اللحن إليها في وزنها وقافيتها، فحلست ناحية وعملت:

أيهذا القمر الطا ... لع من دار القمار

رائحا من خيلاء ال ... حسن في أبهى ازار

<<  <  ج: ص:  >  >>