وعدت وأنشدته إياها في الحال فارتضاها وقال: لولا قد هجس «١» في نفسي أن أعمل في معناها لأمرت بنقل اللحن إليها، ثم أنشدنا بعد أيام لنفسه:
نحن قوم نحفظ العه ... د على بعد المزار
ونمر السحب سحبا ... من أكفّ كالبحار
أبدا ننجز للضي ... ف قدورا من نضار
وأمر جواريه بالغناء فيه. وأما أبياتي [فاني] تممتها قصيدة ومدحته بها وهي مثبتة في ديوان شعري.
قال «٢» : وجلس عضد الدولة وقد تحولت له سنة شمسية من يوم مولده على عادة له في ذلك، وكان عادته أنه إذا علم أنه قد بقي بينه وبين دخول السنة الجديدة ساعة أو أقل أو أكثر أن يأكل ويتبخر ويخرج في حال التحويل إلى مجلس عظيم قد عبي فيه آلات الذهب والفضة ليس فيه غيرهما، وفيها أنواع الفاكهة والرياحين، ويجلس في دست عظيم القيمة، ويجيء المنجم فيقبّل الأرض بين يديه ويهنئه بتحويل السنة، وقد حضر المغنون وأخذوا مواضعهم وجلسوا، وحضر الندماء وأخذوا مواقفهم قياما، ولم يكن أحد منهم يجلس بحضرته غيري وغير أبي على الفسوي «٣» وأبي الحسن الصوفي المنجم وأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف صاحب ديوان الرسائل فانه كان يجلس ليوقّع بين يديه. ويستدعى له إذا نشط [نبيذ] فيجعل بين يديه ويشرب منه أقداحا «٤» ، ومن قبل أن يشرب يوقّع بمال الصدقات فيخرج، والغناء يمصي، ثم يجيء المهنئون من أهل المجلس مثل رؤساء دولته ووجوه الكتّاب والعمال وكبار أهل البلد