باب حركاه «١» كنّا فيه، وقدّم إليه ما يأكله فقال: اجعل لي أيها القاضي في نفسك المقام في هذه الشتوة في هذا البلد، فقلت: لم؟ فقال: إن الملك مدبّر في القبض على الصاحب أبي القاسم ابن عباد، وكان قد ورد إلى حضرته بهمذان، وإذا كان كذلك تشاغل بما تتطاول معه الأيام. وانصرفت من عنده فقال أبو علي الهائم: قد سمعت ما كنتما فيه، وهذا أمر ينبغي أن تطويه ولا تخرج به إلى أحد ولا سيما إلى أبي الفضل ابن أبي أحمد الشيرازي، فقلت: أفعل، ونزلت إلى خيمتي، وجاءني من كانت له عادة جارية بملازمتي ومواصلتي ومواكلتي ومشاربتي، وفيهم أبو الفضل ابن [أبى] أحمد الشيرازى، فقال لي أيها القاضي: أنت مشغول القلب فما الذي حدث؟ فاسترسلت على أنس كان بيننا وقلت: أما علمت أن الملك مقيم وقد عمل على كذا في أمر الصاحب، وهذا دليل على تطاول السنة؟ فلم يتمالك أن انصرف واستدعى ركابيا من ركابيتي وقال له: أين كنتم اليوم؟ فقال: عند أبي بكر ابن شاهويه، قال: وما صنعتم؟ قال: لا أدري إلا أن القاضي أطال عنده الحلوس، وانصرف إلى خيمته عنه ولم يمض إلى غيره، فكتب إلى عضد الدولة رقعة يقول فيها: كنت عند القاضي أبي علي التنوخي فقال كذا وكذا، وذكر أنه قد عرفه من حيث لا يشكّ فيه، وعرفت أنه كان عند أبي بكر ابن شاهويه، وربما كان لهذا الحديث أصل، وإذا شاع الخبر به وأظهر السرّ فيه فسد ما دبّر في معناه؛ فلما وقف عضد الدولة على الرفعة وجم وجوما شديدا، وقام من سماط كان قد عمله فى ذلك اليوم على منابت الزعفران للديلم مغيظا، واستدعاني وقال لي: بلغني أنك قلت كذا وكذا حاكيا عن أبي بكر ابن شاهويه فما الذي جرى بينكما في ذلك؟ قلت: لم أقل من ذلك شيئا، فجمع بيني وبين أبي الفضل بن أبي أحمد، وواقفنى وأنكرته، وراجعني وكذبته، وأحضر أبو بكر ابن شاهويه وسئل عن الحكاية فقال: ما أعرفها ولا جرى بيني وبين القاضي قول في معناها، ونقل على أبي بكر هذه المواقفة، وقال: ما نعامل الأضياف بهذه المعاملة، وسئل أبو علي الهائم عما سمعه فقال: كنت خارج الخركاه، وكنت مشغولا بالأكل وما وقفت على ما كانا فيه، فمدّ وضرب مائتي