وفيه جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار والخلق يعظمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين وتمكّنه، قال: فاندفع يعرّض بي ويذمّ أهل المدينة، فقال: من أهل المدينة؟ وأيّ شيء يحسن أهل المدينة؟ والله لقد وضعت كتابا على أهل المدينة كلها لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أن أحدا يخالفني في كتابي هذا تبلغني إليه آباط الابل لصرت حتى أردّ عليه، قال الشافعي: فقلت إن أنا سكتّ نكّست رؤوس من هاهنا من قريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت عليّ السلطان، ثم إني استخرت الله في الردّ عليه، فتقدمت إليه فقلت: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة وذمك لأهل المدينة إن كنت أردت رجلا واحدا وهو مالك بن أنس فألّا ذكرت ذلك الرجل بعينه ولم تطعن على أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلّهم على خلاف ما ادّعيته. وأما كتابك الذي ذكرت أنك وضعته على أهل المدينة فكتابك من بعد بسم الله الرحمن الرحيم خطأ إلى آخره: قلت في شهادة القابلة كذا وكذا وهو خطأ، وفي مسألة الحامل كذا وكذا وهو خطأ، وقلت في مسألة كذا وكذا كذا وهو خطأ، فاصفرّ محمد بن الحسن ولم يحر جوابا. وكتب أصحاب الأخبار إلى الرشيد بما كان، فضحك وقال:
ماذا ننكر لرجل من ولد المطّلب أن يقطع مثل محمد بن الحسن. قال فعارضني رجل من أهل المجلس من أصحابه فقال: ما تقول في رجل دخل منزل رجل فرأى بطة ففقأ عينها ماذا يجب عليه؟ قال قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة وقيمتها وقد ذهبت عينها فيقوّم ما بين القيمتين. ولكن ما تقول أنت وصاحبك في رجل محرم نظر إلى فرج امرأة فأنزل؟ قال: ولم يكن لمحمد حذاقة بالمناسك، قال فصاح به محمد وقال له: ألم أقل لك لا تسأله؟ قال: ثم أدخلنا على الرشيد، فلما أن استوينا بين يديه قال لي يا أبا عبد الله تسأل أو اسأل؟ قال قلت: ذاك إليك، قال: فأخبرني عن صلاة الخوف أواجبة هي «١» ؟ قلت: نعم، فقال: ولم؟ فقلت: لقول الله عز وجل:
(النساء: ١٠٢) فدل أنها واجبة. فقال: وما تنكر من قائل قال لك إنما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو فيهم، فلما زال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم زالت تلك الصلاة، فقلت: وكذلك قال الله عز وجل لنبيه