للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكتسبت بفضلي [١] دية أهل همذان فما الذي اكتسبت أنت بفضلك [٢] فقال له البديع:

أنت في حرفة الكدية أحذق، وبالاستماحة أحرى وأخلق، فقطعه الكلام. ثم أنشد القوّال:

وشبهنا بنفسج عارضيه ... بقايا اللطم في الخدّ الرقيق

فقال الخوارزمي: أنا أحفظ هذه القصيدة، فقال البديع: أخطأت فإن البيت على غير هذه الصيغة وهي:

وشبهنا بنفسج عارضيه ... بقايا الوشم في الوجه الصفيق

فقال له أبو بكر: والله لأصفعنك ولو بعد حين، فقال البديع: أنا أصفعك اليوم وتضربني غدا، اليوم خمر وغدا أمر، وأنشد قول ابن الرومي [٣] :

رأيت شيخا سفيها ... يفوق كلّ سفيه

وقد أصاب شبيها ... له وفوق الشبيه

ثم أنشد البديع [٤] :

وأنزلني طول النوى دار غربة ... إذا شئت لاقيت امرءا لا أشاكله

أحامقه حتى يقال سجية ... ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله

فأمال النعاس الرؤوس، وسكنت الألحان والنفوس، وسلب الرقاد الجلوس، فنام القوم كعادتهم في ضيافات نيسابور، وأصبحوا فتفرقوا، وبعض القوم يحكم بغلبة البديع، وبعضهم يحكم بغلبة الخوارزمي، وسعى الفضلاء بينهما بالصلح ودخل عليه البديع واعتذر وتاب واستغفر مما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقال له البديع: بعد الكدر صفو، وبعد الغيم صحو، فعرض عليه الخوارزمي الاقامة عنده سحابة يومه، فأجابه


[١] الرسائل: بعقلي.
[٢] الرسائل: بعقلك.
[٣] ديوان ابن الرومي ٦: ٢٦٣٤ (في هجاء خالد القحطبي) .
[٤] البيتان في البيان والتبيين ١: ٢٤٥، ٢: ٤٢٣٥: ٢١ وعيون الأخبار ٣: ٢٤ والأول منهما في بهجة المجالس ١: ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>