للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برز الربيع لنا برونق مائه ... فانظر لمنظر [١] أرضه وسمائه

والترب بين ممسّك ومعنبر ... من نوره بل مائه وروائه

ثم أنشد الخوارزمي على هذا النمط، فلما فرغ من انشاده قال البديع للوزير والرئيس: لو أن رجلا حلف بالطلاق أني لا أقول شعرا ثم نظم تلك الأبيات التي قالها الخوارزمي [هل كنتم تطلقون امرأته عليه؟ فقالت الجماعة: لا يقع بهذا طلاق، ثم قلت: انقد عليّ في ما نظمت، واحكم عليه كما حكمت، فأخذ الابيات وقال:] [٢] لا يقال نظرت لكذا [٣] ويقال نظرت إلى كذا، وأنت قلت فانظر لمنظر، وشبهت الطير بالمحصنات، وهذا تشبيه فاسد، ثم شبهتها بالمغنيات حين قلت:

والطير مثل المحصنات صوادح ... مثل المغني شاديا بغنائه

المحصنات كيف توصف بالغناء؟ (ثم) قلت: «كالبحر في تزخاره والغيث في أمطاره» [٤] والغيث هو المطر، فقال البديع: الغيث المطر والسحاب، وصدقه الحاضرون وأنكروا على الخوارزمي. فقال الامام أبو الطيب: علمنا أي الرجلين أفضل وأشعر، فقام البديع وقبل رأس الخوارزمي ويده وقال: اشهدوا أن الغلبة له، قال ذلك على سبيل الاستهزاء، وتفرق الناس واشتغلوا بتناول الطعام، وأبو بكر ينطق عن كبد حرّى، والوزير يقول للبديع: ملكت فأسجح. فلما قام أبو بكر أشار إلى البديع وقال: لأتركنّك بين الميمات، فقال: ما معنى الميمات: فقال: بين مهدوم مهزوم مغموم محموم مرجوم محروم، فقال البديع: لأتركنك بين الهيام والسقام والسام والبرسام والجذام والسرسام، وبين السينات بين منحوس ومنخوس ومنكوس ومعكوس، وبين الخاءات من مطبوخ ومسلوخ ومشدوخ ومفسوخ وممسوخ، وبين الباءات بين مغلوب ومسلوب ومصلوب ومنكوب. فخرج البديع وأصحاب الشافعي


[١] الرسائل: لروعة.
[٢] زيادة ضرورية من الرسائل (ص: ٧٢) .
[٣] يشير الى قول البديع «فانظر لروعة (المنظر) أرضه وسمائه» .
[٤] يريد قول البديع:
كالبحر في تزخاره والغيث في ... إمطاره والجو في أنوائه

<<  <  ج: ص:  >  >>