للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق الاختيار بيد الاضطرار [١] :

فما النفس إلا نطفة بقرارة ... إذا لم تكدّر كان صفوا غديرها

وعلى هذا فحبذا عتاب سيدي إذا صادف ذنبا واستوجب عتبا، فأما أن يسلفنا العربدة ويستكثر المعتبة والموجدة فتلك حالة نصونه عنها ونصون أنفسنا عن احتمال مثلها، فليرجع بنا إلى ما هو أشبه به وأجمل له، ولست أسومه أن يقول: اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ

(يوسف: ٩٧) ولكن أسأله أن يقول: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

(يوسف: ٩٢) .

رقعة البديع الثالثة إلى الخوارزمي [٢] :

أنا أرد من الأستاذ سيدي شرعة وده، وإن لم تصف، وألبس خلعة برّه وإن لم تضف، وقصاراي أن أكيله صاعا بصاع ومدّا عن مدّ، وإن كنت في الأدب دعيّ النسب ضعيف السبب ضيّق المضطرب سيء المنقلب، أمتّ إلى أهله بعشرة رشيقة [٣] ، وأنزع إلى خدمة أصحابه بطريقة. ولكن بقي أن يكون الخليط منصفا في الإخاء عادلا في الوداد، إذا زرت زار وإن عدت عاد، والأستاذ سيدي- أيده الله- ضايقني في القبول أولا وناقشني [٤] في الإقبال ثانيا، فأما حديث الاستقبال وأمر الإنزال والإنزال فنطاق الطمع ضيّق عنه غير متسع لتوقعه منه، وبعد فكلفة الفضل هيّنة وفروض الودّ متعيّنة، وطرق المكارم بينة، وأرض العشرة لينة، فلم اختار قعود التعالي مركبا، وصعود التغالي مذهبا؟ وهلّا ذاد الطير عن شجر العشرة إذا كان ذاق الحلو من ثمرها؛ وقد علم الله أن شوقي إليه قد كدّ الفؤاد برحا على برح، ونكأه قرحا على قرح، فهو شوق داعيته محاسن الفضل وجاذبته بواعث العلم، ولكنها مرّة مرة ونفس حرة، ولم تقد إلا بالإعظام ولم تلق إلا بالاكرام. وإذا استعفاني سيدي الأستاذ


[١] البيت لعمارة بن عقيل كما في الكامل للمبرد ١: ٢٩ وحماسة الخالديين ١: ٢٣٠ ومعجم المرزباني:
٧٨ والبصائر ٦ (رقم: ٦٣٢ ص ٢٠٥) من أبيات رائية، ووردت قافيته في الرسائل «معينها» .
[٢] الرسائل: ٣٥ (ويلاحظ بعض التباين بين النص في الرسائل والنص عند ياقوت وقد أشرت الى بعضه في ما تقدم، وسأقتصر في الاشارة فيما يلي على الفروق المهمة) .
[٣] الرسائل: أمت إلى عشرة أهله بنيقة.
[٤] الرسائل: وصارفني.

<<  <  ج: ص:  >  >>