للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد سيدي أن أصدّق دعواه في شوقه إليّ لغضّ من حجم عتبه عليّ، فإنما اللّفظ زائد واللحظ وارد، فإذا رقّ اللفظ دقّ اللحظ، وإذا صدق الحبّ ضاق العتاب والعتب:

فبالخير لا بالشرّ فارج مودتي ... وأيّ امرىء يقتال منه الترهّب

عتاب سيدي قبيح ولكنه حسن، وكلامه ليّن ولكنه خشن، أما قبحه فلأنه عاتب بريئا، ونسب إلى الإساءة من لم يكن مسيئا. وأما حسنه فلألفاظه الغرر، ومعانيه التي هي كالدرر، فهي كالدنيا ظاهرها يغرّ وباطنها يضرّ، وكالمرعى على دمن الثرى منظره بهيّ ومخبره وبيّ، ولو شاء سيدي نظم الحسن والإحسان، وجمع بين صواب الفعل واللسان:

يا بديع القول حاشا ... لك من هجو بديع

ولحسن القول عوّذ ... تك من سوء الصنيع

لا يعب بعضك بعضا ... كن مليحا في الجميع

رقعة أخرى للبديع إلى الخوارزمي:

أنا وإن كنت مقصّرا في موجبات الفضل من حضور مجلس الاستاذ سيدي فما أفري إلا جلدي، ولا أبري إلا قدحي، ولا أبخس إلا حظّي، وإن يكن ذاك جرما فكفى هذا عقابا، ومع ذاك فما أعمر أوقاتي إلا بمدحه ولا أطرّز ساعاتي إلا بذكره، ولا أركض إلا في حلبة وصفه حرس الله فضله. نعم وقد رددت «كتاب الأوراق» للصولي وتطاولت لكتاب «البيان والتبيين» للجاحظ، وللأستاذ سيدي في الفضل والتفضل به رأيه.

وقال البديع يمدح الصحابة ويهجو الخوارزميّ ويجيبه عن قصيدة رويت له في الطعن عليهم:

وكّلني بالهمّ والكآبه ... طعّانة لعّانة سبّابه

للسلف الصالح والصحابه ... أساء سمعا فأساء جابه

...

تأملوا يا كبراء الشيعه ... لعشرة الاسلام والشريعه

أتستحلّ هذه الوقيعه ... في بيع الكفر وأهل البيعه

...

<<  <  ج: ص:  >  >>