وكتبهما القاضي بخطه على ظهر الكتاب كما ذكر أبو عمر، وانتهت القصة إلى ابن دريد فلم يذكر أبا عمر الزاهد بلفظة إلى أن مات.
وقال رئيس الرؤساء أيضا «١» : رأيت أشياء كثيرة مما أنكر على أبي عمر ونسب فيها إلى الكذب فوجدتها مدونة في كتب اللغة وخاصة في «الغريب المصنف» لأبي عبيد.
وقال أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي «٢» : لم يتكلم في اللغة أحد من الأولين والآخرين بأحسن من كلام أبي عمر الزاهد، أخذ أبو عمر عن أبي العباس ثعلب وصحبه زمانا طويلا فنسب إليه وعرف بغلام ثعلب، وأخذ عنه أبو علي الحاتمي الأديب الكاتب اللغوي وأبو القاسم ابن برهان وغيرهما، وروى عنه أبو الحسن محمد بن رزقويه وأبو علي ابن شاذان وغيرهما.
وقال أبو الحسن المرزبان «٣» : كان إبراهيم بن أيوب بن ماسي ينفذ إلى أبي عمر الزاهد كفايته وقتا بوقت، فقطع ذلك عنه مدة لعذر، ثم أنفذ إليه جملة ما كان انقطع عنه وكتب إليه رقعة يعتذر بها من تأخير رسمه، فردّه، وأمر بعض من كان عنده من أصحابه أن يكتب له على ظهر رقعته:
أكرمتنا فملكتنا ... وتركتنا فأرحتنا
وكانت صناعة أبي عمر الزاهد التطريز فنسب إليها، وكان جماعة من الأشراف والكتاب يحضرون مجلسه للسماع منه، وكان قد جمع جزءا في فضائل معاوية، فكان لا يمكّن أحدا من السماع منه حتى يبتدىء بقراءة ذلك الجزء.
وعن محمد بن العباس بن الفرات قال: كان مولد أبي عمر الزاهد سنة إحدى وستين ومائتين، وقال الخطيب البغدادي «٤» : توفي يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وذلك في خلافة المطيع لله، ودفن يوم الاثنين في الصفّة التي تقابل قبر معروف الكرخي، وبينهما عرض الطريق. وعن أبي