للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنشد له السلفي:

أبا العلاء ابن سليمانا ... إن العمى أولاك إحسانا

لو أبصرت عيناك هذا الورى ... لم ير إنسانك إنسانا

حدث هبة الله بن موسى المؤيد في الدين، وكان بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلات، قال: كنت أسمع من أخبار أبي العلاء وما أوتيه من البسطة في علم اللسان ما يكثر تعجّبي منه، فلما وصلت المعرة داخلا إلى الديار المصرية لم أقدّم شيئا على لقائه، فحضرت إليه واتفق حضور أخي معي، وكنت بصدد أشغال يحتاج إليها المسافر، فلم أسمح بمفارقته والاشتغال بها.

فتحدّث أخي معي حديثا باللسان الفارسي فأرشدته إلى ما يعمله فيها ثم عدت إلى مذاكرة أبي العلاء، فتجارينا الحديث إلى أن ذكرت ما وصف به في سرعة الحفظ وسألته أن يريني من ذلك شيئا أحكيه عنه، فقال لي: خذ كتابا من هذه الخزانة- لخزانة قريبة منه- واذكر أوله فإني أورده عليك حفظا، فقلت: كتابك ليس بغريب إن حفظته، فقال: قد دار بينك وبين أخيك كلام بالفارسية إن شئت أعدته، قلت:

فأعده، فأعاد الحديث أجمع ما أخلّ بحرف منه، ولم يكن يعرف اللغة الفارسية.

وهذا الخبر من العجائب.

قال السلفي بإسناده: عرض على أبي العلاء التنوخي كفّ من اللوبياء، فأخذ منها واحدة ولمسها بيده وقال: ما أدري ما هي، إلا أني أشبهه بالكلية، فتعجبوا منه ومن فطنته وإصابته في حديثه [١] .

وحدث أبو الكرم خميس بن علي الحوزي النحوي [٢] حدثنا القاضي أبو يوسف القزويني، قال قال لي ملحد المعرة: ما سمعت في أمر الحسين بن علي رضي الله عنهما شيئا يجب أن يحفظ، فقلت له: قد قال سواديّ من أهل بلادنا أبياتا لا يقول مثلها تنوخ جدّك الأكبر:

رأس ابن بنت محمد ووصيّه ... للمسلمين على قناة يرفع


[١] هنا نهاية ما نقل عن المختصر.
[٢] هو صاحب الجوابات على سؤالات الحافظ السلفي. وقد تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>