- يعني إسماعيل بن بلبل- وهذا أبو العباس ابن عمار له موضع من الرواية والأدب، وهو على غاية الإمتاع والإيناس بمشاهدته، وأنا أحبّ أن تعرف مثله، وفي العاجل خذه معك لتقف على صدق القول فيه. فأقبل محمد بن داود على أحمد بن عمار وقال له: تفضل بالمصير إليّ في هذا اليوم، وقبله قبولا ضعيفا، فصار إليه ابن عمار في ذلك اليوم، ورجع إلى ابن الرومي فقال له: إني أقمت عند الرجل وبتّ، وأريد أن تقصده وتشكره وتؤكّد أمري معه، ومحمد بن داود في هذا الوقت متعطّل ملازم منزله، فصار إليه وأكّد له الأمر معه، وطال اختلافه إليه إلى أن ولي عبيد الله بن سليمان وزارة المعتضد واستكتب محمد بن داود بن الجراح وأشخصه معه، وقد خرج إلى الجبل، ورجع وقد زوّجه بعض بناته وولّاه ديوان المشرق، فاستخرج لابن عمار أقساطا أغناه بها وأجرى عليه أيضا من ماله، ولم يزل يختلف إليه أيام حياة محمد بن داود، وكان السبب في أن نعشه الله بعد العثار، وانتاشه من الإقتار ابن الرومي، فما شكر ذلك له، وجعل يتخلّفه ويقع فيه ويعيبه، وبلغ ابن الروميّ ذلك فهجاه باهاج كثيرة، منها وهو مصحّف [١] :
قل لعمّار بن عمّار ... ألا تعظم قدري
بخراجيك وخرؤ الد ... يك لا تعرض لشعري
وتذكّر حين تنسى ... حرّ عمّيك وأثري
وأذقني فرح الرّو ... حة منقادا لأمري
حر حالاتك للجييران ... لكن لست تدري
قال ابن المسيّب: ومن عجيب أمر عزير هذا أنه كان يتنقص ابن الرّومي في حياته، ويزري على شعره، ويتعرّض لهجائه، فلمّا مات ابن الروميّ عمل كتابا في تفضيله ومختار شعره وجلس يمليه على النّاس.
[١] ديوان ابن الرومي ٣: ١١٢٦ وبناء الألفاظ على التصحيف، وهو من فاحش القول، ومثال ذلك أن تقرأ البيت الثاني: بحر أختك وحر والدتك لا تعرض لشعري، والثالث: وتذكّر حين تنسى حر عمتك الخ؛ وإذا كتبت الأبيات دون التصحيف المقصود جاءت غير موزونة.