للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفضل ابن ليلى: ما أنسى عزّ خروج الخطيب وذلّ ذلك العلوي وهو قاعد على الأرض يلتقط الدنانير من شقوق الحصر ويجمعها.

وحدث باسناد رفعه إلى الخطيب قال: حدثت ولي عشرون سنة، حين قدمت من البصرة كتب عني شيخنا أبو القاسم الأزهري أشياء أدخلها في تصانيفه وسألني فقرأتها عليه وذلك في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. وحدث قال: ذكر أبو الفضل ناصر السلامي قال: كان أبو بكر الخطيب من ذوي المروءات، حدثني أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب اللغوي قال: لما دخلت دمشق في سنة ست وخمسين كان بها إذا ذاك الامام أبو بكر الحافظ، وكانت له حلقة كبيرة يجتمعون في بكرة كلّ يوم فيقرأ لهم، وكنت أقرأ عليه الكتب الأدبية المسموعة له، فكان إذا مر في كتابه شيء يحتاج إلى إصلاح يصلحه ويقول: أنت تريد مني الرواية وأنا أريد منك الدراية، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إليّ يوما وسط النهار وقال: أحببت أن أزورك في بيتك، وقعد عندي وتحدثنا ساعة، ثم أخرج قرطاسا فيه شيء وقال لي: الهدية مستحبّة وأسألك أن تشتري به الاقلام، ونهض ففتحت القرطاس بعد خروجه فإذا فيه خمسة دنانير صحاح مصرية، ثم إنه مرة ثانية صعد وحمل إليّ ذهبا وقال لي: تشتري به كاغدا، وكان نحوا من الأول أو أكثر، قال: وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع، وكان يقرأ معربا صحيحا.

وقال أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الحافظ الاصبهاني يمدح مؤلفات الخطيب [١] :

تصانيف ابن ثابت الخطيب ... ألذّ من الصبا الغضّ الرطيب

يراها إذ حواها من رواها ... رياضا تركها رأس الذنوب [٢]

ويأخذ حسن ما قد صاغ منها ... بقلب الحافظ الفطن الأريب

فأيّة راحة ونعيم عيش ... يوازي كتبه أم أيّ طيب


[١] الأبيات في طبقات السبكي وتذكرة الحفاظ والوافي والمستفاد.
[٢] السبكي: رياضا للفتى اليقظ اللبيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>