قال: وكان على جلالته وفضله ومنزلته من العلم والنسب قبيح المنظر أسود الجلدة جهم الوجه سمج الخلقة ذا شفة غليظة وأنف مبسوط كخلقة الزنوج قصيرا؛ حدثني الشريف المذكور عن أبيه قال: كنت أنا والرشيد بن الزبير والفقيه سليمان الديلمي نجتمع في القاهرة في منزل واحد، فغاب عنا الرشيد يوما وطال انتظارنا له، وكان ذلك في عنفوان شبابه وإبّان صباه وهبوب صباه، فجاءنا وقد مضى معظم النهار، فقلنا له: ما أبطأ بك عنا؟ فتبسم وقال: لا تسألوا عما جرى عليّ اليوم، فقلنا: لا بدّ من ذلك، فتمنع وألححنا عليه فقال: مررت اليوم بالموضع الفلاني وإذا امرأة شابة صبيحة الوجه وضيئة المنظر حسّانة الخلق ظريفة الشمائل، فلما رأتني نظرت إليّ نظر مطمع لي في نفسها، فتوهمت أنني وقعت منها بموقع ونسيت نفسي، وأشارت إليّ بطرفها فتبعتها وهي تدخل بي سكة وتخرج من أخرى حتى دخلت دارا، وأشارت إليّ فدخلت ورفعت النقاب عن وجه كالقمر في ليلة تمامه، ثم صفقت بيديها منادية يا ستّ الدار، فنزلت إليها طفلة كأنها فلقة قمر، فقالت لها: إن رجعت تبولين في الفراش تركت سيدنا القاضي يأكلك، ثم التفتت [إليّ] وقالت: لا أعدمني الله إحسانه بفضل سيدنا القاضي أدام الله عزه، فخرجت وأنا خزيان خجل لا أهتدي الطريق.
وحدثني قال: اجتمع ليلة عند الصالح بن رزيك هو وجماعة من الفضلاء فألقى عليهم مسألة في اللغة، فلم يجب عنها بالصواب سواه، فأعجب الصالح، فقال الرشيد ما سئلت قطّ عن مسألة إلا وجدتني أتوقّد فهما، فقال ابن قادوس وكان حاضرا:
إن قلت من نار خلق ... ت وفقت كلّ الناس فهما
قلنا صدقت فما الذي ... أطفاك حتى صرت فحما
وأما سبب مقتله فلميله إلى أسد الدين شيركوه عند دخوله إلى البلاد ومكاتبته له، واتصل ذلك بشاور وزير العاضد فطلبه، فاختفى بالاسكندرية، واتفق التجاء الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى الاسنكدرية ومحاصرته لها، فخرج ابن الزبير راكبا متقلدا سيفا وقاتل بين يديه، ولم يزل معه مدة مقامه بالاسكندرية إلى أن خرج منها، فتزايد وجد شاور عليه، واشتد طلبه له، واتفق أن ظفر به على صفة لم تتحقق