ذمّك ينصرف إلى خالك الأعلم، ولو لاك لذكرت صناعته ومذهبه- قال إسحاق: وكان بيطارا- وعلمت أنّ إبراهيم يشكوني إلى الرشيد، وأن الرشيد سيسأل من حضر عما جرى فيخبرونه «١» ، ثم قلت له: أنت تظنّ أنّ الخلافة تصير إليك، فلا تزال تهدّدني بذلك وتعاديني كما تعادي سائر أولياء أخيك حسدا له ولولده على الأمر، وأنت تضعف عنه وعنهم، وتستخفّ بأوليائهم تشفيا «٢» ، وأرجو ألّا يخرجها الله تعالى عن يد الرشيد وولده، وأن يقتلك دونها، وإن صارت إليك والعياذ بالله فحرام عليّ العيش يومئذ والموت أطيب من الحياة معك، فاصنع حينئذ ما بدا لك. فلما خرج الرشيد وثب إبراهيم فجلس بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين شتمني وذكر أمي واستخفّ بي، فغضب الرشيد وقال: ما تقول ويلك؟ قلت: لا أعلم، سل من حضر، فأقبل على مسرور وحسين الخادم فسألهما عن القصّة، فجعلا يخبرانه ووجهه يربدّ إلى أن انتهيا إلى ذكر الخلافة فسرّي عنه ورجع لونه وقال لابراهيم: ما له ذنب، شتمته فعرّفك أنه لا يقدر على جوابك، ارجع الى موضعك وأمسك عن هذا. فلما انقضى المجلس وانصرف الناس أمر أن لا أبرح، وخرج كلّ من حضر حتى لم يبق غيري، فساء ظنّي وهمّتني نفسي، فأقبل عليّ وقال لي: ويحك يا إسحاق، أتراني لا أعرف وقائعك؟! قد والله زنّيته دفعات، ويحك لا تعد، ويحك حدّثني عنك لو ضربك أخي إبراهيم أكنت أقتصّ لك منه فأضربه وهو أخي؟ يا جاهل أتراه لو أمر غلمانه أن يقتلوك فقتلوك أكنت أقتله بك؟ فقلت: قد والله قتلتني يا أمير المؤمنين بهذا الكلام، ولئن بلغه ليقتلنّي، وما أشكّ في أنه قد بلغه الآن، فصاح بمسرور الخادم وقال: عليّ بإبراهيم الساعة، وقال لي: قم فانصرف، فقلت لجماعة من الخدم، وكلّهم كان لي محبا وإليّ مائلا: أخبروني بما يجري، فأخبروني من غد أنّه لما دخل عليه وبّخه وجهّله وقال: لم تستخفّ بخادمي وصنيعتي ونديمي وابن خادمي وصنيعة أبي في مجلسي وتقدم عليّ وتصنع في مجلسي وحضرتي؟! هاه هاه تقدم على هذا وأمثاله وأنت مالك والغناء وما يدريك ما هو ومن أخذ لحنه وطارحك إياه حتى تظن أنك تبلغ منه مبلغ