للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فقال الرشيد: لأكفينّك إن شاء الله، ثم قال: لله درّ أبيات تأتينا بها ما أشدّ أصولها، وأحسن فصولها، وأقلّ فضولها، وأمر له بخمسين ألف درهم، فقال له إسحاق: وصفك والله يا أمير المؤمنين لشعري أحسن منه فعلام آخذ الجائزة؟

فضحك الرشيد وقال: اجعلوها لهذا القول مائة ألف درهم، قال الأصمعي: فعلمت يومئذ أن إسحاق أحذق بصيد الدراهم مني.

وحدث «١» إسحاق قال: قال لي الرشيد يوما: بأيّ شيء يتحدّث الناس؟

قلت: يتحدثون أنك تقبض على البرامكة وتولّي الفضل بن الربيع الوزارة، فغضب وصاح وقال: وما أنت وذاك؟ فأمسكت، فلما كان بعد أيام دعا بنا فكان أوّل شيء غنيته:

إذا نحن صدقناك ... فضرّ عندك الصدق

طلبنا النفع بالباط ... ل إذ لم ينفع الحقّ

فلو قدّم صبّا في ... هواه الصبر والرفق

لقدّمت على الناس ... ولكن الهوى رزق

- والشعر لأبي العتاهية- قال: فضحك الرشيد وقال لي: يا إسحاق قد صرت حقودا.

وحدثت «٢» شهوات جارية إسحاق التي كان أهداها إلى الواثق أن محمدا الأمين لما غنى إسحاق لحنه الذي صنعه في شعره:

يا أيّها القائم الأمين «٣» فدت ... نفسك نفسي بالأهل والولد

بسطت للناس إذ وليتهم ... يدا من الجود فوق كلّ يد

فأمر له بألف ألف درهم، فرأيتها قد أدخلت «٤» إلى دارنا يحملها مائة فراش.

<<  <  ج: ص:  >  >>