للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ، وأمر لي بمائة ألف درهم. وانحدرت معه إلى الصالحية التي يقول فيها أبو نواس:

فالصالحية من أطراف كلواذى

فذكرت الصبيان وبغداد فقلت:

أتبكي على بغداد وهي قريبة ... فكيف إذا ما ازددت منها غدا بعدا

لعمرك ما فارقت بغداد عن قلى ... لو انا وجدنا من فراق لها بدّا

إذا ذكرت بغداد نفسي تقطّعت ... من الشوق أو كادت تهيم بها وجدا

كفى حزنا أن رحت لم أستطع لها ... وداعا ولم أحدث بساحتها «١» عهدا

فقال لي: يا موصلي اشتقت إلى بغداد؟ فقلت: لا والله يا أمير المؤمنين ولكن من أجل الصبيان، وقد حضرني بيتان فقال: هاتهما، فأنشدته «٢» :

حننت إلى أصيبية صغار ... وشاقك منهم قرب المزار

وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الديار من الديار

فقال لي: يا إسحاق صر إلى بغداد فأقم مع عيالك شهرا ثم صر إلينا وقد أمرت لك بمائة ألف درهم.

وحدث حمّاد «٣» بن إسحاق عن إسحاق قال: دخلت يوما دار الواثق بالله بغير إذن إلى موضع أمر أن أدخله إذا كان جالسا، فسمعت صوت عود من بيت وترنما لم أسمع أحسن منه قط، فأطلع خادم رأسه وصاح فدخلت، وإذا الواثق، فقال لي: أي شيء سمعت؟ فقلت: الطلاق كاملا لازم لي وكلّ مملوك «٤» لي حرّ لقد سمعت ما لم أسمع مثله قط حسنا، فضحك وقال: ما هو إلا فضلة «٥» أدب وعلم مدحه الأوائل واشتهاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم والتابعون بعدهم وكثر في حرم الله عزّ وجلّ ومهاجر

<<  <  ج: ص:  >  >>