قال: فأحضرني ودعا نافذا وقرأ الأبيات عليه وقال له: فعلتها يا عدوّ الله؟! فغضب نافذ حتى كاد يبكي وجعفر يضحك ويصفّق، ثم لم يعد بعدها إلى التعرض.
وحدث «١» علي بن الصباح قال: كانت امرأة من بني كلاب يقال لها زهراء تحدّث إسحاق وتناشده، وكانت تميل إليه وتكني عنه في شعرها إذا ذكرته ب «جمل» قال: فحدثني إسحاق أنها كتبت إليه وقد غابت عنه:
وجدي بجمل على أني أجمجمه ... وجد السقيم ببرء بعد إدناف
أو وجد ثكلى أصاب الموت واحدها ... أو وجد مغترب من بين ألّاف
قال فأجبتها:
اقرا السلام على زهراء إذ ظعنت «٢» ... وقل لها قد أذقت القلب ما خافا
أما أويت «٣» لمن خلّفت مكتئبا ... يذري مدامعه سحّا وتوكافا
فما وجدت على إلف فجعت به «٤» ... وجدي عليك وقد فارقت ألّافا
وحدث محمد بن عبد الله الخزاعي قال: أنشدني إسحاق لنفسه «٥» :
سقى الله يوم الماوشان ومجلسا ... به كان أحلى عندنا من جنى النحل
غداة اجتنينا اللهو غضّا ولم نبل ... حجاب أبي نصر ولا غضب الفضل
غدونا صحاحا ثم رحنا كأننا ... أطاف بنا شرّ شديد من الخبل
فسألته ان يكتبنيها ففعل، فقلت له: ما حديث يوم الماوشان فقال: لو لم أكتبك الأبيات ما سألت عما لا يعنيك، ولم يخبرني.
قال «٦» : وكان ابن الأعرابي يصف اسحاق ويقرظه ويثني عليه ويذكر أدبه وحفظه