ولا وجد أعرابية قذفت بها ... صروف النوى من حيث لم تك ظنّت
إذا ذكرت ماء العذيب «١» وطيبه ... وبرد حصاه آخر الليل حنّت «٢»
بأكثر مني لوعة غير أنّني ... أجمجم أحشائي على ما أجنّت
وحدث «٣» حماد بن إسحاق: لما خرج أبي إلى البصرة وعاد أنشدني لنفسه:
ما كنت أعرف ما في البين من حزن ... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفن
لما افترقنا على كره لفرقتنا ... أيقنت أني قتيل الهمّ والحزن
قامت تودعني والدمع يغلبها ... فجمجمت بعض ما قالت ولم تبن
مالت عليّ تفدّيني وترشفني ... كما يميل نسيم الريح بالغصن
وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن
وحدث «٤» إسحاق قال: دخلت على الأصمعي فأنشدته أبياتا قلتها وكتبتها إلى بعض الأعراب، وهي «هل إلى أن تنام عيني سبيل» ... الأبيات، وهي متقدمة، قال: فجعل يعجب بها ويرددها، فقلت له: انها بنو ليلتها، فقال: لا جرم أن أثر التوليد فيها بيّن، فقلت: ولا جرم أن أثر الحسد فيك ظاهر.
وكان «٥» إسحاق يقوم على ابن الاعرابي ويبرّه، فكان ابن الأعرابي يقول:
إسحاق والله أحقّ بقول أبي تمام:
ترمي «٦» بأشباحنا إلى ملك ... نأخذ من ماله ومن أدبه
ممن قد قيل فيه.
وحدث «٧» إسحاق قال: بعث إليّ طلحة بن طاهر وقد انصرف من وقعة الشراة،