قد رجعت، فزد في صلاتك وصدقتك، ولا تعوّل على قحتك وصلابة حدقتك.
قال: فو الله ما هالني كلامه، ولا أحاك فيّ هذيانه، لأني كنت أعلم جهله في الحساب، ونقصه في هذا الباب، فذهبت وأفسدت وأخّرت وقدّمت، وكابرت «١» وتعمدت، ثم رددته إليه، فنظر فيه وضحك في وجهي وقال: أحسنت بارك الله عليك، هكذا أردت، وهذا بعينه طلبت، لو تغافلت عنك في أول الأمر لما تيقظت في الثاني، فهذا كما ترى، اعحب منه كيف شئت.
قال أبو حيان «٢» : ومن رقاعته أيضا سمعته يقول وقد جرى حديث الأبهري المتكلم، وكان يكنى أبا سعيد فقال: لعن الله ذاك الملعون المأبون المأفون، جاءني بوجه مكلّح، وأنف مفلطح، ورأس مسطّح، وسرم مفتّح، ولسان مبلّح «٣» ، فكلمني في مسألة الأصلح، فقلت له: اعزب عليك غضب «٤» الله الأترح، الذي يلزم ولا يبرح.
وشتم يوما رجلا فقال «٥» : لعن الله هذا الأهوج الأعوج «٦» الأفلج الأفحج، الذي إذا قام تحلّج «٧» ، وإذا مشى تدحرج، وإذا عدا تفجفج «٨» . قال أبو حيان:
بالله يا أصحابنا حدثوني أهذا عقل رئيس، أم بلاغة كاتب، أم كلام متماسك؟ لم تجنّون به، وتتهالكون عليه، وتغيظون أهل الفضل به؟ هل هناك إلا الجدّ الذي يرفع من هو أنذل منه ويضع «٩» من هو أرفع منه؟! ولقد حدثت هذا الحديث أبا السلم «١٠» الشاعر فأنشدني لشاعر: