سبحان من أنزل الدنيا منازلها ... وميّز الناس مشنوءا وموموقا
فعاقل فطن أعيت مذاهبه ... وجاهل خرق تلقاه مرزوقا
كأنّه من خليج البحر مغترف ... ولم يكن بارتزاق القوت محقوقا
هذا الذي ترك الألباب حائرة ... وصيّر العاقل النحرير زنديقا
قال «١» : وكان كلفه بالسجع في الكلام والقلم عند الجد والهزل يزيد على كلف كلّ من رأيناه في هذه البلاد، قلت لابن المسيبي «٢» : أين يبلغ ابن عباد في عشقه للسجع؟ قال: يبلغ به ذلك لو أنه رأى سجعة تنحلّ بموقعها عروة الملك ويضطرب بها حبل الدولة ويحتاج من [أجلها] إلى غرم ثقيل وكلفة صعبة وتجشّم أمور وركوب أهوال لما كان يخفّ عليه أن يفرج عنها ويخلّيها بل يأتي بها ويستعملها ولا يعبأ بجميع ما وصفت من عاقبتها. قال «٣» : وقلت للخليلي: أما كان ابن العميد يسمع كلامه؟
قال: بلى، وكان يقول: سجعه يدل على الخلاعة والمجانة، وخطه يدلّ على الشلل والزمانة، وصياحه يدلّ على أنه قد غلب بالقمار في الحانة. وهو أحمق بالطبع إلّا أنه طيب، قلت للخليلي: فهل عرفت طالعه؟ فقال حدثني بعض أصحابنا منهم الهرويّ أن طالعه الجوزاء والشعرى اليمانية (كط) وكان زحل في الحادي عشر في الحمل (كز)«٤» والقمر فيه (يط) والشمس في السنبلة (يج) والزهرة فيها (ي) والمشتري في الميزان (كد) والمريخ في العقرب (ن) وسهم السعادة في القوس (يد) وسهم الغيب في الجدي (يز) والرأس في الثالث من الأسد (يا) . قال وخفي عليّ عطارد.
وذكر أنه ولد سنة ست وعشرين وثلاثمائة من الهجرة لأربع عشرة ليلة من ذي القعدة، روز سروش من ماه شهرير «٥» . قلت: وأين ولد؟ قال: كان عندنا أنه ولد بطالقان، وقال لنا يوما باصطخر، وقال غير الخليلي: كان عطارد في السنبلة (ط ي) .