للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقت، ولكن أمخلوق أم غير مخلوق؟ فقال: إن كان مخلوقا [كما تزعم فما ينفعك؟ وإن كان غير مخلوق] كما يزعم خصمك فما يضرّك؟ فقال: يا هذا أبهذا [العقل] تناظر في دين الله وتقوم على عبادة الله؟ قال: إن كان كلام الله نفعني إيماني به وعملي بمحكمه وتسليمي لمتشابهه، وإن كان كلام غيره- وحاش لله من ذلك- ما ضرني؟ فأمسك عنه ابن عباد وهو مغيظ، ثم قال: أنت لم تخرج من خراسان بعد. فمكث الرجل ساعة ثم نهض، فقال له ابن عباد: إلى أين يا هذا، قد تكسّر الليل، بت هاهنا، فقال: أنا بعد لم أخرج من خراسان، كيف أبيت بالريّ، وخرج فارتاب به ابن عباد فقفّاه بصاحب له وأوصاه بأن يتبع خطاه ويبلغ مداه من حيث لا يفطن به ولا يراه، فما زاغ الرجل عن باب ركن الدولة حتى وصل ودخل في ذلك الوقت الفائت إليه، فقيل لابن عباد ذلك فطار نومه وقال: أيّ شيطان هبط علينا وأحصى ما كنّا فيه بلسان سليط وطبع مريد؟ وكان هذا الكرابيسيّ عينا لركن الدولة بخراسان، فلذلك كان قريبا [منه] وكان أحد رجالات [الدنيا] .

ومما «١» يدلّ على ولوع ابن عباد بالسجع ومجاوزة الحدّ فيه بالإفراط قوله يوما:

حدثني [ابن] باش، وكان من سادة الناش؛- جعل السين شينا ومرّ في هذا الحديث وقال: هذه لغة، وكذب وكان كذوبا.

وقال «٢» ابن عباد لشيخ من خراسان في شيء جرى: والله لولا شيء لقطّعتك تقطيعا، وبضّعتك تبضيعا، ووزعتك توزيعا، ومزعتك تمزيعا، وجزّعتك تجزيعا، وأدخلتك في حر أمك «٣» ، ثم وقف ساعة ثم قال: جميعا. قال وملح هذه الحكاية ينبتر في الكتابة وبهاؤها ينقص في الرواية دون مشاهدة الحال وسماع اللفظ وملاحة الشكل في التحرك والتثني والترنح والتهادي ومدّ اليد وليّ العنق وهزّ الرأس والأكتاف واستعمال الأعضاء والمفاصل.

قال «٤» وحدثنا ابن عباد يوما قال: ما قطعني «٥» إلا شابّ ورد علينا إلى أصبهان

<<  <  ج: ص:  >  >>