أفحقّ ما قيل من أمر القادم؟ أم ظنّ كأمانيّ الحالم؟ لا والله بل هو درك العيان، وإنه ونيل المنى سيّان، فمرحبا أيها القاضي براحلتك ورحلك، بل أهلا بك وبكافة أهلك، ويا سرعة ما فاح نسيم مسراك، ووجدنا ريح يوسف من رياك، فحثّ المطيّ تزل غلّتي برؤياك، وتزح علتي بلقياك، ونصّ على يوم الوصول نجعله عيدا مشرّفا، ونتخذه موسما ومعرّفا «١» ، وردّ الغلام، أسرع من رجع الكلام، فقد أمرته أن يطير على جناح نسر، يترك الصّبا في عقال أسر:
سقى الله دارات مررت بأرضها ... فأدّتك نحوي يا زياد بن عامر
أصائل قرب أرتجي أن أنالها ... بلقياك قد زحزحن حرّ الهواجر
وقال «٢» بعض ندماء الصاحب له يوما: أرى مولانا قد أغار في قوله:
لبسن برود الوشي لا لتجمل ... ولكن لصون الحسن بين برود
على المتنبي في قوله:
لبسن الوشي لا متجملات ... ولكن كي يصنّ به الجمالا
فقال: كما أغار هو في قوله:
ما بال هذي النجوم حائرة ... كأنها العمي ما لها قائد
على العباس بن الأحنف في قوله:
والنجم في كبد السماء كأنه ... أعمى تحيّر ما لديه قائد
وللصاحب أيضا «٣» :
يقولون لي كم عهد عينك بالكرى ... فقلت لهم مذ غاب بدر دجاها
ولو تلتقي عين على غير دمعة ... لصارمتها حتى يقال نفاها