وهي طويلة فلما كانت سنة أربع وثمانين التي توفي فيها جدي أحسّ بانقضاء مدته، وحضور منيته، فكتب إلى الصاحب كتابا يسأله فيه إقرار هذا الرسم المذكور على ولده، واجراءه لهم من بعده، وقرن الكتاب بقصيدة أولها:
وتكسى بك الدنيا ثياب جمالها ... فيرجوك معروف ويخشاك منكر
يقول فيها:
أسيدنا إنّ المنية أعذرت ... إليّ بآيات تروع وتذعر
لها نذر قد آذنتني بهجمة ... على مورد ما عنه للمرء مصدر
وإني لأستحلي مرارة طعمه ... إذا كنت بالتقديم لي تتأخر
وحقّ لنفس كان منك معاشها ... إذا غمضت عينا وعينك تنظر
ومن ورّث الأولاد بعد وفاته ... حضانك طابت نفسه حين يقبر
تمرّد منك الجود حتى تمردت ... مطالبنا والماجد الحرّ يصبر
أأطلب منك الرفد عمري كله ... وأطلبه والجنب مني معفر
وليست بأولى بدعة لك في الندى ... لها موقف [في] الحمد [يطوى و] ينشر
وهي طويلة.
قال هلال بن المحسن: وأمرني بأن أنفذ ذلك فأنفذته، وكتبت عن نفسي كتابا في معناه، ووصل ونفذ من يحمل الرسم على العادة، ثم اتفق أن توفي الصاحب في أول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة فوقف، وكانت بين وفاتهما شهور.
قال هلال: وسمعت محدثا يحدّث أبا إسحاق أنه سمع الصاحب يقول: ما بقي من أوطاري وأغراضي إلا أن أملك العراق، وأتصدّر ببغداد، وأستكتب أبا اسحاق الصابىء، ويكتب عني وأغيّر عليه، فقال جدي: ويغيّر علي وإن أصبت!! قال: وحدثني أبو إسحاق جدي قال: حضر الصاحب أبو القاسم ابن عباد دار الوزير المهلبي عند وروده إلى بغداد مع مؤيد الدولة، فحجب عنه لشغل كان فيه، وجلس طويلا، فلما تأخر الإذن كتب إليّ رقعة لطيفة فيها: