للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأترك محجوبا على الباب كالخصى ... ويدخل غيري كالأيور ويخرج

فأقرأتها الوزير المهلبيّ فأمر بإدخاله.

قال: وكان الصاحب عند دخوله إلى بغداد قصد القاضي أبا السائب عتبة بن عبيد لقضاء حقه، فتثاقل في القيام له، وتحفّز تحفزا أراه به ضعف حركته وقصور نهضته، فأخذ الصاحب بضبعه وأقامه، وقال: نعين القاضي على قضاء حقوق إخوانه، فخجل أبو السائب واعتذر إليه.

وذكر القاضي أبو علي التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة «١» : حدثني أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان المعروف بابن أبي عمرو الشرابي حاجب أمير المؤمنين المطيع لله قال: دخلت في حداثتي يوما على أبي السائب القاضي فتثاقل في القيام لي وأظهر لي ضعفا عنه للسنّ والعلل المتصلة به، قال: فتطاول فجذبت يده بيدي حتى أقمته القيام التامّ وقلت له: أعين قاضي القضاة أيده الله على إكمال البر وتوفية الإخوان حقوقهم، قال: وقد كنت عاتبا عليه في أشياء عاملني بها، وإنما جئته للخصومة، فبدأت لأخذ «٢» الكلام، فحين رأى الشرّ في وجهي قال:

تتفضل لاستماع كلمتين ثم تقول ما شئت، فقلت له: قل فقال: روينا عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: فاصفح الصفح الجميل

(الحجر: ٨٥) قال: عفو بلا تقريع، فإن رأيت أن تفعل ذلك فافعل، فاستحييت من الاستقصاء عليه وانصرفت.

قال المؤلف: والذي عندي أن الخبر إنما جرى بين هذا والقاضي، وبلغ أمره الصاحب فانتحله لنفسه، وحكاه في مجلس أنسه، فشاع عنه، وكان الصاحب رحمه الله ممن يحبّ الفخر وانتحال الفضائل التي ربما قصّر عنها.

ومن أشعار الصاحب «٣» :

يا خاطرا يخطر في تيهه ... ذكرك موقوف على خاطري

<<  <  ج: ص:  >  >>