للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنائع ذي الرياستين الفضل بن سهل، اتصلا به فرفع منهما، وتنقل إبراهيم في الأعمال الجليلة والدواوين إلى أن مات وهو متولّي ديوان الضياع والنفقات بسرّ من رأى سنة ثلاث وأربعين ومائتين للنصف من شعبان. وكان دعبل يقول: لو تكسّب إبراهيم بالشعر لتركنا في غير شيء، ويعجب من قوله [١] :

إنّ امرءا ضنّ بمعروفه ... عني لمبذول له عذري

ما أنا بالراغب في خيره ... إن كان لا يرغب في شكري

وكان إبراهيم صديقا لمحمد بن عبد الملك الزيات فولي محمد الوزارة وإبراهيم على الأهواز فقصده ووجّه إليه بأبي الجهم أحمد بن سيف [٢] وأمره بكشفه، فتحامل عليه تحاملا شديدا، فكتب إبراهيم إلى محمد بن عبد الملك [٣] :

واني لأرجو بعد هذا محمدا ... لأفضل ما يرجى أخ ووزير

فأقام محمد على أمره، ولجّ أبو الجهم في التحامل عليه، فكتب [٤] إبراهيم إلى ابن الزيات يشكو إليه أبا الجهم ويقول: هو كافر لا يبالي ما عمل، وهو القائل لما مات غلامه يخاطب ملك الموت:

تركت عبيد بني طاهر ... وقد ملأوا الأرض عرضا وطولا

وأقبلت تسعى إلى واحدي ... ضرارا كأني قتلت الرسولا

فسوف أدين بترك الصلاة ... وأصطبح الخمر صرفا شمولا

فكان محمد لعصبيته على إبراهيم وقصده له يقول: ليس هذا الشعر لأبي الجهم وإنما إبراهيم قاله ونسبه إلى أبي الجهم.

وكتب [٥] إبراهيم إلى ابن الزيات يستعطفه: كتبت وقد بلغت المدية المحزّ، وعدت الأيام عليّ بعد عدواني بك عليها، وكان أسوأ ظنّي وأكثر خوفي أن تسكن في


[١] الطرائف الأدبية: ١٨٥.
[٢] يعني أن محمد بن عبد الملك هو الذي وجه بأبي الجهم.
[٣] الطرائف الأدبية: ١٣٢.
[٤] قارن بالأغاني ١٠: ٥١- ٥٢.
[٥] الأغاني ١٠: ٥٧- ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>