إلى مكة فحج، هذا كان فعله كلّ عام في رحلتيه جميعا. وكان يلتزم صيام الدهر، فإذا أتى يوم جمعة أفطر، وكانت له عبادات كثيرة من قراءة القرآن وغيرها من الصلوات ونشر العلم.
قال: مشايخه الذين سمع منهم فكانوا مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلا (هكذا ذكر في هذه الترجمة فما أدري أيهما الصحيح) أخبرني أسلم بن عبد العزيز، أخبرني أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال: لما وضعت مسندي أتاني عبيد الله بن يحيى [بن يحيى] ومعه أخوه إسحاق فقالا لي: بلغنا أنك وضعت مسندا قدّمت فيه أبا مصعب وابن بكير وأخّرت أبانا، فقال بقي: أما تقديمي لأبي مصعب فإني قدمته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قدّموا قريشا ولا تقدّموها»«١» ، وأما ابن بكير فإني قدمته لسنّه، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم:«كبّر كبّر»«٢» ، مع أنه سمع «الموطأ» من مالك سبع عشرة مرة ولم يسمع أبو كما إلا مرة واحدة؛ قال بقي: فخرجا عنّي ولم يعودا إليّ بعد ذلك، وخرجا إلى حد العداوة.
حدثنا قاسم بن أصبغ قال: خرجت من الأندلس ولم أرو عن بقي شيئا، فلما دخلت العراق وغيره من البلدان سمعت من فضائله وتعظيمه ما أندمني على ترك الرواية عنه وقلت: إذا رجعت لزمته حتى أروي جميع ما عنده، فأتانا نعيه ونحن بأطرابلس.
وحدثنا قاسم بن أصبغ قال: سمعت أحمد بن أبي خيثمة يقول، وذكر بقيّ بن مخلد، فقال: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل احتاج بلد [فيه] بقيّ أن يأتي إلى هاهنا منه أحد؟ فقلنا له: ولا أنت تحدثنا عن رجال ابن أبي شيبة؟ فقال: ولا أنا.
وذكر بقيّ أنه أدرك جماعة من أصحاب سفيان الثوري فلم يرو عنهم، وروى عن رجلين عن سفيان الثوري.
قال: وحدثت عن بقيّ أنه قال يوما لطلبته: أنتم تطلبون العلم، أهكذا يطلب العلم؟ إنما أحدكم إذا لم يكن عليه شغل يقول: أمضي أسمع العلم، إني لأعرف