للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله، فأطرق الحافظ أبو طاهر عند ذكره، ثم رفع رأسه وقال: قدّمه دينه، قدّمه دينه.

قال: وسمعت أبا بشر محمد بن محمد بن منصور المقرىء الخطيب بشيراز يذكر الحافظ أبا العلاء، رضي الله عنه، ويثني عليه، ثم أنشد يقول:

فسار مسير الشمس في كلّ موطن ... وهبّ هبوب الريح في الشرق والغرب

قال: وسمعت الامام أبا نصر أحمد بن الامام الحافظ أبي الفرج ابن عبد الملك بن الشعار يقول: سمعت الامام أبا الحسن الحراني يقول: كنت أطوف بالكعبة فرأيت شيخا في الطواف، فلما نظرت إليه تفرّست فيه الخير والصلاح، وانتظرته حتى قضى طوافه، فدنوت منه وسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، فسألته عن الوطن فسمّى لي موضعا بعيدا، ذكره أبو الحسن ونسيه أبو نصر، قال أبو الحسن:

أيّ شيء المقصد بعد بلوغك بيت ربك؟ فقال: مقصدي الحافظ أبو العلاء، فتعجبت في نفسي وقلت: ستظفر إن شاء الله بمقصودك وتنال مطلوبك، وبكيت حتى غلبني البكاء، فقال: وممّ بكاؤك؟ فقلت: ان الحافظ أبا العلاء الذي تقصده وتأمل بلوغه قد كنت مستفيدا منه كذا وكذا سنة، قرأت عليه القرآن ختما، وسمعت منه الحديث الكثير، فتعجّب من قولي وقام إليّ وقبّل بين عيني، وهو يفدّيني بأبيه وأمه، وغاب عني.

قال: وسمعت أبا بشر يقول: لما دخلت على الامام أبي المبارك المقرىء بشيراز جعل يذكر شيخ الاسلام الحافظ أبا العلاء الهمذاني، رحمه الله، ويثني عليه، ثم أنشد متمثلا:

فسار مسير الشمس في كلّ موطن ... وهبّ هبوب الريح في الشرق والغرب

قال: رحل إليه رجل من أقصى المغرب، وكان له حظّ في كلّ علم، ومدحه بقصيدة هي من غرر القصائد، وذكر أحواله في سفرته وما أصابه من التعب والمشاقّ، ومن شعره فيه أيضا:

سعى إليك على قرب ومن بعد ... من كان ذا رغبة في العلم والسّند

<<  <  ج: ص:  >  >>