للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رعاية منه للصدق. واستدعي منه بهمذان أن يفسّر للناس حديثا واحدا فأجاب وقعد لذلك، فلما شرع في الكلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم. واستدعي منه ثانيا بالكرخ كذلك، فروى حديثا في فضائل الأعمال وفي بعض ألفاظه «حتى يدخل الجنة» ، ففسر لفظة الجنة قبل أن يفسر لفظة «حتى يدخل» ، كأنه قدم لفظة «الجنة» على لفظة «حتى يدخل» في ترجمته، فاستغفر ورجع وأتى بها على الوجه المنطوق به في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكان رحمه الله يتحرّج عن القصص والكلام فيها والتنميق والتكلّف حذرا من الزيادة والنقصان.

ولما قصد السلطان محمد بغداد وحاصرها، وخالف الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، رضي الله عنه، كان الشيخ، رحمه الله، يقرأ «صحيح البخاري» بهمذان على الشيخ عبد الأوّل، رحمه الله، على اسليهر «١» يحضره لسماع الكتاب عامّة أهل البلد من الأمراء والفقهاء والعلماء والصوفية والعوام، فصرّح القول قائما على المنبر بأنّ السلطان ومن معه من جنوده خارجة مارقة، ثم قال: لو أنّ رجلا من عسكر أمير المؤمنين رمى رجلا من أصحاب السلطان بسهم، وجاءه آخر من غير الفريقين فنزع السهم من جراحته، يكون هو أيضا خارجيا باغيا، وكرّر القول في ذلك مرارا.

قال: وسئل الشيخ رحمه الله عن سبب أكثر اشتغاله بعلم الكتاب والسنة فقال:

إني نظرت في ابتداء أمري فرأيت أكثر الناس عن تحصيل هذين العلمين معرضين، وعن دراستهما لاهين، فاشتغلت بهما وأنفقت عمري على تحصيلهما حسبة.

قال: ورأى رحمه الله قلة رغبة الخلق في تحصيل العلم والرحلة ولقاء الشيوخ، فاتخذ مهدا وعزم على المضّي إلى بغداد وأصفهان للرواية، ورفع منائر «٢» العلم وإحياء السنة حسبة، فمنعه الضعف والكبر، وأدركته المنية وهو على هذه النية.

قال: سمعت الثقة يقول: سمعت الشيخ رحمه الله يقول: كنت واقفا يوما على باب دار الشيخ أبي العز القلانسي رحمه الله في حرّ شديد أنتظر الاذن، فمرّ بي إنسان فرآني على تلك الحال واقفا، فقال لي: أيها الرجل لو أنك تصير إماما يقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>