شَرْعًا مِنَ الْعَدْلِ، وَحِفْظِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ، وَحِفْظِ النِّسَاءَ مِنَ الْغَوَائِلِ الَّتِي تُؤَدِّي بِهِنَّ إِلَى الْأَعْمَالِ غَيْرِ اللَّائِقَةِ، وَلَا يَحْمِلُوهُنَّ عَلَى الْإِضْرَارِ بِهِمْ وَبِأَوْلَادِهِمْ، وَلَا يُطَلِّقُوهُنَّ إِلَّا لِدَاعٍ وَمُقْتَضٍ شَرْعِيٍّ شَأْنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللهَ، وَيُوَقِّرُونَ شَرِيعَةَ الْعَدْلِ، وَيُحَافِظُونَ عَلَى حُرُمَاتِ النِّسَاءِ، وَحُقُوقِهِنَّ، وَيُعَاشِرُونَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُفَارِقُونَهُنَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَهَؤُلَاءِ الْأَفَاضِلُ الْأَتْقِيَاءُ لَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ النِّسْوَةِ إِلَى الْحَدِّ الْمُبَاحِ شَرْعًا، وَهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا قَلِيلًا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَإِقْلِيمٍ لَكِنَّ أَعْمَالَهُمْ وَاضِحَةُ الظُّهُورِ تَسْتَوْجِبُ لَهُمُ الثَّنَاءَ الْعَمِيمَ، وَالشُّكْرَ الْجَزِيلَ، وَتُقَرِّبُهُمْ مِنَ اللهِ الْعَادِلِ الْعَزِيزِ. انْتَهَى كَلَامُ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي تَفْسِيرِ: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ [٤: ١٢٩] وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ: أَنَّ التَّعَدُّدَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَخِلَافُ الْكَمَالِ، وَيُنَافِي سُكُونَ النَّفْسِ، وَالْمَوَدَّةَ، وَالرَّحْمَةَ الَّتِي هِيَ أَرْكَانُ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوَاجِ مَنْ لَمْ يُقِمْهَا وَبَيْنَ ازْدِوَاجِ الْعَجْمَاوَاتِ، وَنَزَوَانِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا لِضَرُورَةٍ مَعَ الثِّقَةِ بِمَا اشْتَرَطَ اللهُ - سُبْحَانَهُ - فِيهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَمَرْتَبَةُ الْعَدْلِ دُونَ مَرْتَبَةِ سُكُونِ النَّفْسِ وَالْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وَلَيْسَ وَرَاءَهُ إِلَّا ظُلْمُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ، وَامْرَأَتِهِ، وَوَلَدِهِ، وَأُمَّتِهِ، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
وَأَمَّا حِكْمَةُ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْهَا مَا هُوَ كَفَالَةُ بَعْضِ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَمِنْهَا مَا لَهُ سَبَبٌ سِيَاسِيٌّ، أَوْ عِلْمِيٌّ دِينِيٌّ. وَقَدْ سَبَقَ لَنَا فَتْوَى فِي ذَلِكَ نُشِرَتْ فِي الْمُجَلَّدِ الْخَامِسِ مِنَ الْمَنَارِ (ص٦٩٩) وَهَذَا نَصُّ السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ.
(تَعَدُّدُ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (س) مُصْطَفَى أَفَنْدِي رُشْدِي الْمِرْلِيُّ بِالزَّقَازِيقِ: مَا هِيَ الْحِكْمَةُ فِي تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِمَّا أَبَاحَهُ الْقُرْآنُ الشَّرِيفُ لِسَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِأَرْبَعٍ فَمَا دُونَهَا وَتَعَيُّنُ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْخُرُوجِ عَنِ الْعَدْلِ؟
(ج) إِنَّ الْحِكْمَةَ الْعَامَّةَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ فِي سِنِّ الْكُهُولَةِ، وَالْقِيَامَ بِأَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ، وَالِاشْتِغَالَ بِسِيَاسَةٍ، وَمُدَافَعَةِ الْمُعْتَدِينَ دُونَ سِنِّ الشَّبَابِ، وَرَاحَةِ الْبَالِ هِيَ السِّيَاسَةُ الرَّشِيدَةُ، فَأَمَّا خَدِيجَةُ، وَهِيَ الزَّوْجُ الْأُولَى فَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِهَا وَرَاءَ سُنَّةِ الْفِطْرَةِ مَعْرُوفَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ مَوْضُوعِ السُّؤَالِ.
وَقَدْ عَقَدَ بَعْدَ وَفَاتِهَا عَلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ وَكَانَتْ قَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِهَا أَنَّهَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ الْهَاجِرَاتِ لِأَهْلِيهِنَّ خَوْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute