للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَيْهِ الشِّيعَةُ الْإِمَامِيَّةُ أَيْضًا، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ احْتَجَّ لَهُ بِإِطْلَاقِ الْأَيْدِي فِي آيَةِ السَّرِقَةِ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ، وَرَدَّ الْحَافِظُ مَا أَوَّلَهُ بِهِ النَّوَوِيُّ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَهَذَا هُوَ عُمْدَةُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَفِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ، وَهُشَيْمٌ وَغَيْرُهُمَا، وَلَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ: إِنَّ الْمَسْحَ إِلَى الْإِبِطَيْنِ، وَبِهَا أَخَذَ الزُّهْرِيُّ، وَسَتَعْلَمُ مَا فِيهَا، وَلَفْظُ حَدِيثِ عَمَّارٍ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى " أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ وَلَمْ أَجِدْ مَاءً، فَقَالَ لَهُ: لَا تُصَلِّ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَصَابَتْنَا جَنَابَةٌ فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ، فَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدِكَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ تَنْفُخَ، ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ فَقَالَ عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ يَا عَمَّارُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ، فَقَالَ: نُوَلِّيكَ مَا تَوَلَّيْتَ ": أَيْ: بَلْ نَكِلُكَ إِلَى مَا قُلْتَ وَنَرُدُّ إِلَيْكَ مَا وَلَّيْتَهُ نَفْسَكَ، وَذَلِكَ إِذْنٌ لَهُ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالْإِفْتَاءِ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي لَا حُجَّةَ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ:

" قَوْلُهُ: بَابُ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، أَيْ: هُوَ الْوَاجِبُ الْمُجْزِئُ، وَأَتَى بِذَلِكَ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ مَعَ شُهْرَةِ الْخِلَافِ فِيهِ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ، فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَعَمَّارٍ، وَمَا عَدَاهُمَا فَضَعِيفٌ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ رَفْعِهِ، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جَهْمٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ مُجْمَلًا، وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَبِذِكْرِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَنِ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى الْآبَاطِ، فَأَمَّا رِوَايَةُ الْمِرْفَقَيْنِ وَكَذَا نِصْفُ الذِّرَاعِ فَفِيهَا مَقَالٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْآبَاطِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقَعَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَكُلُّ تَيَمُّمٍ صَحَّ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ، وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ

كَوْنُ عَمَّارٍ كَانَ يُفْتِي بَعْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِذَلِكَ، وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيُّ الْمُجْتَهِدُ، انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ وَهُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَرْتِيبَ فِيهِ:

فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَفِي رِوَايَةِ شَقِيقٍ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِضَرْبَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>