للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدَةٍ فَهِيَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ، وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ:

قَوْلُهُ: " ظَهْرُ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرُ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ "، كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِالشَّكِّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ تَحْرِيرُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَيْضًا وَلَفْظُهُ: " ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ، وَبِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ عَلَى الْكَفَّيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ " وَفِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّيَمُّمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَهُ، وَفِيهِ أَنَّ التَّرْتِيبَ غَيْرُ مَشْرُوطٍ فِي التَّيَمُّمِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: اخْتُلِفَ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ " ثُمَّ " وَفِي سِيَاقِهِ اخْتِصَارٌ، وَلِمُسْلِمٍ بِالْوَاوِ وَلَفْظُهُ: " ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ " وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ: وَلَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ: " إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ تَنْفُضَهُمَا، ثُمَّ تَمْسَحَ بِيَمِينِكَ عَلَى شِمَالِكَ، وَشِمَالِكَ عَلَى يَمِينِكَ، ثُمَّ تَمْسَحَ عَلَى وَجْهِكَ "، اهـ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَا هُوَ الصَّعِيدُ؟ :

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالصَّعِيدُ التُّرَابُ أَوْ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ: الصَّعِيدُ تُرَابُ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: الصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْضًا: وَيُقَالُ: الصَّعِيدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَعَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَعَلَى الطَّرِيقِ، أَقُولُ: وَلِأَجْلِ هَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَضْرِبَ يَدَيْهِ عَلَى أَيِّ مَكَانٍ طَاهِرٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَيَمْسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الرِّوَايَاتِ بِتَيَمُّمِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ جِدَارٍ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْجَهْمِ، وَبِالْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ تَرَاهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا بِالتُّرَابِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ: التُّرَابُ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ " وَجُعِلَ

التُّرَابُ لَنَا طَهُورًا " وَجَعَلُوا لِلتُّرَابِ مَعْنًى مَقْصُودًا كَمَا سَتَعْلَمُ فِي مَسْأَلَةِ حِكْمَةِ التَّيَمُّمِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ لَفْظَ التُّرْبَةِ وَالتُّرَابِ لَا يُؤْخَذُ بِمَفْهُومِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، فَهُوَ لَا يُخَصِّصُ الْمَنْطُوقَ وَإِنَّمَا قَالَ بِهِ اثْنَانِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَاحِدٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ ; عَلَى أَنَّ التُّرَابَ هُوَ الْأَعَمُّ الْأَكْثَرُ مِنْ صَعِيدِ الْأَرْضِ فَخُصَّ بِالذِّكْرِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَجَاءَتْ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ الْأَرْضِ، كَحَدِيثِ جَابِرٍ الْمَرْفُوعِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالنَّسَائِيِّ: وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَيِّبَةً وَطَهُورًا

<<  <  ج: ص:  >  >>