للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُقَالُ: أَمِنَهَا بِكَذَا وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ (٣: ٧٥) ، وَيُقَالُ: ائْتَمَنَ فُلَانًا، أَيْ: عَدَّهُ أَوِ اتَّخَذَهُ أَمِينًا، وَائْتَمَنَهُ عَلَى الشَّيْءِ كَأَمِنَهُ عَلَيْهِ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ (٢: ٢٨٣) ، وَكُلُّ أَمَانَةٍ يَجِبُ حِفْظُهَا، وَمِنْهَا مَا يُحْفَظُ فَقَطْ كَالسِّرِّ، وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهُوَ أَمَانَةٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالضِّيَاءُ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبُو يُعْلَى فِي مَسْنَدِهِ عَنْ أَنَسٍ، وَأَشَارَ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِلَى صِحَّتِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الِائْتِمَانِ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَعُرْفٍ وَقَرِينَةٍ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ، وَمِنْهَا، أَيِ ـ الْأَمَانَةِ ـ مَا يُحْفَظُ لِيُؤَدَّى إِلَى صَاحِبِهِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ لِأَجْلِهِ، وَيُسَمَّى

مَا يَحْفَظُ الْأَمَانَةَ وَيُؤَدِّيهَا حَفِيظًا وَأَمِينًا وَوَفِيًّا، وَيُسَمَّى مَنْ لَا يَحْفَظُهَا أَوْ لَا يُؤَدِّيهَا خَائِنًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨: ٢٧) ، فَمَنْ خَانَ عَالِمًا كَانَ مِنَ الْعُصَاةِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَعْنَى الْعَدْلِ:

الْعَدْلُ ـ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ ـ الْمِثْلُ، وَالْعَدِيلُ: الْمَثِيلُ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَفُلَانٌ يَعْدِلُ فُلَانًا أَيْ يُسَاوِيهِ، وَيُقَالُ مَا يَعْدِلُكَ عِنْدَنَا شَيْءٌ، أَيْ: مَا يَقَعُ عِنْدَنَا شَيْءٌ مَوْقِعَكَ، وَعَدَلَ الْمَكَايِيلَ وَالْمَوَازِينَ سَوَّاهَا، وَعَدَلَ الشَّيْءَ يَعْدِلُهُ عَدْلًا وَعَادَلَهُ وَازَنَهُ، وَعَادَلْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَعَدَلْتُ فُلَانًا بِفُلَانٍ إِذَا سَوَّيْتُ بَيْنَهُمَا، وَتَعْدِيلُ الشَّيْءِ تَقْوِيمُهُ، وَقِيلَ: الْعَدْلُ تَقْوِيمُكَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَجْعَلُهُ لَهُ مِثْلًا، وَالْعَدْلُ وَالْعِدْلُ وَالْعَدِيلُ سَوَاءٌ، أَيِ: النَّظِيرُ وَالْمَثِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمِثْلُ وَلَيْسَ بِالنَّظِيرِ عَيْنِهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا (٥: ٩٥) ، قَالَ مُهَلْهِلٌ:

عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلًا مِنْ كُلَيْبٍ ... إِذَا ظَهَرَتْ مُخَبَّأَةُ الْخُدُورِ

وَالْعَدْلُ ـ بِالْفَتْحِ ـ أَصْلُهُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: عَدَلْتُ بِهَذَا عَدْلًا حَسَنًا، نَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْمِثْلِ؛ لِتُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدْلِ الْمَتَاعِ كَمَا قَالُوا: امْرَأَةٌ رَزَانٌ، وَعَجْزٌ رَزِينٌ لِلْفَرْقِ (ثُمَّ قَالَ) : وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ: نِصْفُ الْحِمْلِ يَكُونُ عَلَى أَحَدِ جَنْبَيِ الْبَعِيرِ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْعَدْلُ اسْمُ حِمْلٍ مَعْدُولٍ يُحْمَلُ آخَرُ مُسَوًّى بِهِ، وَالْجَمْعُ أَعْدَالٌ وَعُدُولٌ عَنْ سِيبَوَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْعَدِيلَتَانِ الْغِرَارَتَانِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُعَادِلُ صَاحِبَتَهَا، الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ عَدَلْتُ الْجُوَالِقَ عَلَى الْبَعِيرِ أَعْدِلُهُ عَدْلًا، يُحْمَلُ عَلَى جَنْبِ الْبَعِيرِ وَيُسَوَّى بِآخَرَ، ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعَدَلُ ـ مُحَرَّكٌ ـ تَسْوِيَةُ الْأُونَيْنِ وَهُمَا الْعَدَلَانِ، وَيُقَالُ: عَدَلْتُ أَمْتِعَةَ الْبَيْتِ إِذَا جَعَلْتُهَا أَعْدَالًا مُسْتَوِيَةً لِلِاعْتِكَامِ يَوْمَ الظَّعْنِ، وَالْعَدِيلُ الَّذِي يُعَادِلُكَ فِي الْمَحْمَلِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>