للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَلِيلِ الْمُجَدِّدِ مُجْتَهِدِ الْيَمَنِ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي عَشَرَ: مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيِّ رَحِمَهُمُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِمْ أَجْمَعِينَ.

فَهَؤُلَاءِ أَشْهَرُ أَعْلَامِ الْمُصْلِحِينَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ الَّذِينَ تُعَدُّ كُتُبُهُمْ أَعْظَمَ مَادَّةٍ لِلْإِصْلَاحِ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، وَمِنْ دُونِهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْحُفَّاظِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَكُلِّ قُطْرٍ، وَقَدِ اكْتَفَيْنَا بِذِكْرِ مَنِ اعْتَمَدْنَا عَلَى كُتُبِهِمْ فِي هَذَا الْبَحْثِ وَهِيَ أَمْتَعُ الْكُتُبِ فِيهِ، وَإِنَّ حُسْنَ اخْتِيَارِ الْكُتُبِ نِصْفُ الْعِلْمِ.

إِذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَإِنَّنَا نَنْقُلُ لِلْقُرَّاءِ بَعْدَهُ مُلَخَّصَ مَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ لَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَأَقْوَالِ أَشْهَرِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا. ثُمَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْقِيَاسِ،

ثُمَّ خُلَاصَةَ مَا حَرَّرَهُ الْعَلَامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ. ثُمَّ مَا اعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّوْكَانِيُّ فِيهَا. ثُمَّ نَأْتِي بِخُلَاصَةِ الْخُلَاصَةِ الَّتِي عَقَدْنَا لَهَا هَذَا الْفَصْلَ.

(أَحَادِيثُ الْبُخَارِيِّ فِي كَرَاهَةِ السُّؤَالِ) .

عَقَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ عُنْوَانُهُ: بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَمِنْ تَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) أَوْرَدَ فِيهِ تِسْعَةَ أَحَادِيثَ:

(أَوَّلُهَا) : حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا: " إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ " وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: " إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا " إِلَخْ.

(الثَّانِي) : حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لَيَالِيَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَفَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ. فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ ".

(الثَّالِثُ) : حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سَبَبِ نُزُولِ النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ وَهُوَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَنْسٍ فِي ذَلِكَ، (ص ١١٠ ط الْهَيْئَةِ) .

(الرَّابِعُ) : حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الَّذِي كَتَبَ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ لَمَّا سَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>