الْمُسْلِمُ اسْمَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الضُّيُوفِ الْمُكَرَّمِينَ عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا يَذْكُرُ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، أَوْ كَمَا يُهِلُّ مَنْ يَذْبَحُونَ لِلْأَصْنَامِ أَوْ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بِأَسْمَائِهِمْ عِنْدَ الذَّبْحِ. وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ مَنْ يُذَكُرُهُ لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا لِأَجْلِ ضِيَافَتِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ صَاحِبُ (الرَّوْضَةُ النَّدِيَّةُ بِشَرْحِ الدُّرَرِ الْبَهِيَّةِ) وَبَيَّنَ وَجْهَ الْخِلَافِ فِيهَا وَجَاءَ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ بِفَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ فَقَالَ:
" وَأَمَّا الذَّبْحُ لِلسُّلْطَانِ وَهَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ أَمْ لَا؟ فَقَدْ أَجَابَ الْمَاتِنُ رَحِمَهُ اللهُ فِي بَحْثٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا لَفْظُهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعُمُومَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ وَالْحَدِيثِيَّةُ، فَلَا يُحْكَمُ بِتَحْرِيمِ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ أَوْ نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَنْقُضُ ذَلِكَ الْأَصْلَ الْمَعْلُومَ مِنَ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ، مِثْلُ تَحْرِيمِ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَالْمَيْتَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَالْمَوْقُوذَةِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَكُلِّ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ بِدَلِيلٍ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ كَتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ. وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ أُصُولَ التَّحْرِيمِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، أَوْ وُقُوعُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ أَوِ النَّهْيِ عَنْهُ أَوِ الِاسْتِخْبَاثِ أَوِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْأُمَمِ السَّالِفَةِ - إِذَا لَمْ يُنْسَخْ - فَلَا بُدَّ لِلْقَائِلِ بِتَحْرِيمِ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ أَوْ نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ مِنِ انْدِرَاجِهِ تَحْتَ أَصْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَقَوَّلَ عَلَى اللهِ مَا لَمْ يَقُلْ، فَإِنَّ مَنْ حَرَّمَ مَا أَحَلَّ اللهُ كَمَنْ حَلَّلَ مَا حَرَّمَ اللهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْإِثْمِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى عَارِفٍ، وَلَا شَكَّ
أَنَّ الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا كَافِيَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ، فَكَيْفَ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا مِنَ الْعُمُومَاتِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا) الْآيَةَ. وَقَوْلِهِ: (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) (٥: ٤) وَقَوْلُهُ: (وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٧: ٣٢) وَقَوْلُهُ: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) وَقَوْلُهُ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (٢: ٢٩) وَقَوْلُهُ: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ) (٧: ١٥٧) .
" وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ وَقْفُ التَّحْرِيمِ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَى حُرْمَتِهِ وَالتَّحْلِيلِ عَلَى مَا عَدَاهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ " وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا، فَبَعَثَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ فَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute