للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ مَلَاحِدَةَ التُّرْكِ وَدُعَاةَ الْعَصَبِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ مِنْهُمْ قَدْ بَثُّوا فِي قَوْمِهِمْ فَكُرَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ بِتَرْجَمَتِهِ بِاللِّسَانِ التُّرْكِيِّ قَبْلَ عَهْدِ الْحُرِّيَّةِ الدُّسْتُورِيَّةِ بِسِنِينَ، وَقَدْ أَنْكَرْنَا هَذَا عَلَيْهِمْ قَوْلًا وَكِتَابَةً، وَأَوَّلُ مَنْ سَمِعْنَا مِنْهُ هَذَا الرَّأْيَ مُحَمَّدُ عُبَيْد اللهِ أَفَنْدِي الَّذِي صَارَ بَعْدَ الدُّسْتُورِ مَبْعُوثًا،

وَأَنْشَأَ فِي الْآسِتَانَةِ جَرِيدَةً عَرَبِيَّةً بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَجْلِ خِدَاعِ الْعَرَبِ وَإِضْلَالِهِمْ سَمِعْتُ هَذَا الرَّأْيَ الْفَاسِدَ مِنْهُ فِي مِصْرَ، وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ فِيهِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ فِي الْآسِتَانَةِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا وَأَنْكَرْتُهُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ مُجَلَّدِ الْمَنَارِ الثَّالِثَ عَشَرَ.

(مِنْهَا) قَوْلُنَا فِي (الْفَتْوَى ٢٧ ص٣٤٣ ج ٥ م١٣ الَّذِي صَدَرَ فِي سَلْخِ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ١٣٢٧) فِي سِيَاقِ تَخْطِئَةِ مُحَمَّدِ عُبَيْد اللهِ أَفَنْدِي فِي ادِّعَائِهِ أَنَّ الْإِسْلَامَ نُشِرَ بِالْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ:.

" لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي شَذَّ فِيهَا وَحْدَهَا هَذَا الرَّجُلُ، فَإِنَّ لَهُ شُذُوذًا فِي مَسَائِلَ أُخْرَى دِينِيَّةٍ، وَتَارِيخِيَّةٍ كَادِّعَائِهِ أَنَّ نُبُوَّةَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا تَمَّتْ وَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِتَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ إِلَى جَمِيعِ اللُّغَاتِ، وَكَادِّعَائِهِ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُمْكِنُهُمُ الِاسْتِغْنَاءُ فِي دِينِهِمْ عَنْ مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَعَنِ الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى آيَةً لِلْعَالِمِينَ، مُعْجِزًا لِلْبَشَرِ عَلَى مَرِّ السِّنِينَ، بِتَرْجَمَتِهِ إِلَى التُّرْكِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ اللُّغَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَرْجِمُ يُتَرْجِمُ حَسَبَ فَهْمِهِ فَيَخْتَلِفُ مَعَ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ أَهْلِ لُغَةٍ قُرْآنٌ، وَإِنْ كَانَتِ التَّرْجَمَةُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ فِيهَا الْإِعْجَازُ كَالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَلَا يَصِحُّ التَّعَبُّدُ بِتِلَاوَتِهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ سَبَقَ لِي مُنَاظَرَةٌ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمِصْرَ مُنْذُ سِنِينَ اهـ.

وَمِنْهَا - مَا ذَكَرْتُهُ فِي (ج ٧ مِنْهُ ص ٥٤٩) فِي سِيَاقِ سَمَرٍ مَعَ طَلْعَت بِك (بَاشَا) نَاظِرِ الدَّاخِلِيَّةِ بِدَارِهِ فِي الْآسِتَانَةِ ذَكَرَ لِي فِيهِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ سَيُنْشِئُ جَرِيدَةً عَرَبِيَّةً؛ لِأَجْلِ التَّآلُفِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالتُّرْكِ، فَذَكَرْتُ لَهُ أَنَّهُ يُخْشَى أَنْ يَكُونَ تَأْثِيرُهَا زِيَادَةَ الشِّقَاقِ لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الْعَرَبِ، وَزَعْمِهِ إِمْكَانَ اسْتِغْنَاءِ التُّرْكِ عَنْ لُغَتِهِمْ وَعَنْ قُرْآنِهِمُ الْعَرَبِيِّ بِتَرْجَمَتِهِ بِالتُّرْكِيَّةِ إِلَخْ وَكَذَلِكَ كَانَ.

وَمِنْهَا - قَوْلُنَا فِي مُنَاجَاةِ اللهِ تَعَالَى (فِي ص٣٨٤ مِنْهُ) : اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ (أَيِ الْمُفْسِدِينَ) مَنْ يَفُوقُ سِهَامُ كَيْدِهِ وَمَكْرِهِ لِلْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَفَضَّلْتَهَا بِخَاتَمِ أَنْبِيَائِكِ وَرُسُلِكِ، وَخَيْرِ كُتُبِكَ الْمُنَزَّلَةِ لِهِدَايَةِ خَلْقِكَ وَخَاطَبْتَ سَلَفَهَا الصَّالِحَ بِقَوْلِكَ الْحَقِّ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (٣: ١١٠) إِلَخْ.

" اللهُمَّ إِنَّهُمْ حَسَدُوهَا أَنْ جَعَلْتَ كِتَابَكَ عَرَبِيًّا مُبِينًا، فَهُمْ يُرِيدُونَ تَرْجَمَتَهُ لِيَكُونَ عُرْضَةً لِتَحْرِيفِ الْمُحَرِّفِينَ، وَاخْتِلَافِ الْمُتَّفِقِينَ، اللهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَهُ لِتَجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ، وَهُمْ يُحَاوِلُونَ تَرْجَمَتَهُ لِكُلِّ شَعْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَتَفَرَّقُوا فِيهِ، اللهُمَّ إِنَّهُ حَبْلُكَ الْمَتِينُ الَّذِي أَمَرَتْنَا أَنْ نَعْتَصِمَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>