للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَخْرَجُوا النِّسَاءَ تَسْتَقْبِلُهُمْ فَوَقَعُوا بِالزِّنَا، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الطَّاعُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا قَالَ: كَانَ اسْمُهُ " بلعلم " وَكَانَ يُحْسِنُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ، فَغَزَاهُمْ مُوسَى فِي سَبْعِينَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا: ادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا إِذَا غَزَاهُمْ أَحَدٌ أَتَوْهُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَهَلَكُوا، وَكَانَ لَا يَدْعُو حَتَّى يَنَامَ فَيَنْظُرُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ فِي مَنَامِهِ، فَنَامَ، فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ اللهَ لَهُمْ وَلَا تَدْعُ عَلَيْهِمْ، فَاسْتَيْقَظَ فَأَبَى أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: زَيَّنُوا لَهُمُ النِّسَاءَ فَإِنَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُنَّ لَمْ يَصْبِرُوا حَتَّى يُصِيبُوا مِنَ الذُّنُوبِ فَتُدَالُوا عَلَيْهِمْ.

ذَلِكَ مَا لَخَّصَهُ السُّيُوطِيُّ عَنْ رُوَاةِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ، وَكُلُّهُ مِمَّا انْخَدَعَ بِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُمْ، وَبَعْضُهَا قَوِيُّ السَّنَدِ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ جُلَّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَزَادَ عَلَيْهَا وَانْتَقَدَ بَعْضَهَا، وَذَكَرَ أَنَّ مِنْ رُوَاتِهَا كَعْبَ الْأَخْبَارِ وَوَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، وَمِمَّا عَزَاهُ إِلَى رِوَايَةِ وَهْبٍ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِغَيْرِهِ أَنَّ قِصَّةَ بَلْعَامَ كَانَتْ فِي قِتَالِ فِرْعَوْنَ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ لِأَمَةِ مُوسَى بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَأَنَّ بَلْعَامَ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَذَكَرَ عَنْهُ رِوَايَةً أُخْرَى، وَقَالَ بَعْدَ سِيَاقٍ طَوِيلٍ لِلْقِصَّةِ لَا حَاجَةَ إِلَى نَقْلِهِ مَا نَصُّهُ:

" وَحُكِيَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَنْ كَعْبٍ، وَفِيهَا أَنَّ مُعَسْكَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ بِأَرْضِ كَنْعَانَ مِنَ الشَّامِ، بَيْنَ أَرِيحَا وَبَيْنَ الْأُرْدُنِّ وَجَبَلِ الْبَلْقَاءِ وَالتِّيهِ فِيمَا بَيْنُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ عَلَى نَمَطِ مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنَّ فِيهَا بَدَلَ " انْدَلَعَ لِسَانُهُ " وَجَاءَتْهُ لَمْعَةٌ فَأَخَذَتْ بَصَرَهُ فَعَمِيَ.

" وَحُكِيَ عَنْ وَهَبَّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ بَلْعَامُ أُخِذَ أَسِيرًا فَأُتِيَ بِهِ إِلَى مُوسَى فَقَتَلَهُ (قَالَ) : وَهَكَذَا كَانَتْ سُنَّتَهُمْ، أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ الْأَسْرَى (قَالَ) : فَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْسَلَخَ مِنْهَا يَقُولُ: الِاسْمُ الْأَعْظَمُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزَّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: " كَانَ مَثَلُ بلعلم بْنِ بَاعُورَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمُثُلٍ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ " (قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ) قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَتَأَمَّلْ (؟ ؟) (قَالَ) " وَأَقُولُ: فِي الْإِصْحَاحِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ سِفْرِ الْعَدَدِ مِنَ التَّوْرَاةِ ذُكِرَ بَلْعَامُ

وَقِصَّتُهُ مُطَوَّلَةٌ، وَهِيَ أَشْبَهُ بِرِوَايَةِ وَهْبٍ غَيْرَ أَنَّ الَّذِينَ دَوَّنُوا التَّوْرَاةَ الْمَوْجُودَةَ الْيَوْمَ بَرَّءُوا بَلْعَامَ فَقَالُوا: إِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَمْ يَدْعُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ. فَإِنْ كَانَتِ الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي حِكَايَةٍ بَلْعَامَ فَيَكُونُ الْقُرْآنُ قَدْ أَظْهَرَ مَا كَتَمَهُ التَّوْرَاتِيُّونَ، وَأَظْهَرَ مَا خَبَّؤُوهُ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ فَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ نَزَلَتْ ; عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْآيَاتِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ مِنْ كُلِّ مَنْ آتَاهُ اللهُ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ الْحُجَجُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ إِنَّهُ انْسَلَخَ مِنْهَا - إِلَى أَنْ قَالَ - وَالصَّوَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>