للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا الرِّوَايَاتُ فِي ابْنِ صَيَّادٍ، وَمَا كَانَ مِنْ حَلِفِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهُ هُوَ الدَّجَّالُ، وَإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَمُتَابَعَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ إِيَّاهُ عَلَى هَذَا الْحَلِفِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ.

وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْأَخِيرِ بِأَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ قَدْ نَقَضَهُ التَّصْرِيحُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرٍ بِخِلَافِهِ حِينَ قَالَ لَهُ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ: " إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ، وَقَدْ رَدَّ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْضَ تَأْوِيلَاتِ الْحَافِظِ الْبَيْهَقِيِّ فِي مَوْلِدِ ابْنِ صَيَّادٍ وَصِفَاتِهِ وَفِي إِقْرَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ عَلَى حَلِفِهِ، وَعَدَّ قِصَّةَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ مُرَجِّحَةً لِكَوْنِهِ غَيْرَ ابْنِ صَيَّادٍ، وَكَوْنِ عُمَرَ كَانَ يَحْلِفُ حَلِفَهُ قَبْلَ سَمَاعِهِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ - لِهَذَا أُخُصُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِشَيْءٍ مِنَ التَّفْصِيلِ فَأَقُولُ إِنَّ فِيهِ عِدَّةَ مَبَاحِثٍ.

(١) كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ مَنْ عَرَبِ فِلَسْطِينَ (سُورِيَّةَ) وَقَدْ وُصِفَ بِأَنَّهُ كَانَ رَاهِبَ زَمَانِهِ، وَقَدْ جَاءَ هُوَ وَأَخُوهُ نُعَيْمٌ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَأَسْلَمَا، وَحَدَّثَ هُوَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِكَايَةِ الْجَسَّاسَةِ الْغَرِيبَةِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ

بَعْدَ إِسْلَامِهِ مِنَ الْعُبَّادِ وَمِنَ الْقَصَّاصِينَ، وَلَمْ يُذْكَرْ لِأَحَدٍ شُبْهَةٌ فِيهِ بَلْ عَدُّوا مِنْ مَنَاقِبِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَى عَنْهُ، وَسَتَعْلَمُ مَا فِيهِ، فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ.

(٢) رَاوِيَةُ الْحَدِيثِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِطُولِهِ وَمُشْكِلَاتِهِ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَقَالَتْ: " إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ رِجَالًا وَنِسَاءً وَحَدَّثَهُمْ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ تَمِيمٍ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَةِ " وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهَا الشَّعْبِيُّ وَحْدَهُ، وَهُوَ عَلَى جَلَالَتِهِ قَدْ رَوَى عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ لَمْ يَرَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّ الْمُحَدِّثِينَ أَثْنَوْا عَلَى مَرَاسِيلِهِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي مَنْ رَوَاهُ غَيْرُهَا وَغَيْرُهُ.

(٣) مِنْ عِلَلِ الْحَدِيثِ إِذًا أَنَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا بِالتَّوَاتُرِ لِغَرَابَةِ مَوْضُوعِهِ وَلِاهْتِمَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ وَجَمْعِهِ النَّاسَ لَهُ وَتَحْدِيثِهِ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَاسْتِشْهَادِهِ بِقَوْلِ تَمِيمٍ عَلَى مَا كَانَ حَدَّثَهُمْ بِهِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، وَلِسَمَاعِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ لَهُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ غَيْرِ الْمَعْقُولِ أَلَّا يُرْوَى إِلَّا آحَادِيًّا، وَيُؤَيِّدُهُ امْتِنَاعُ الْبُخَارِيِّ عَنْ إِخْرَاجِهِ فِي صَحِيحِهِ لِشِدَّةِ تَحَرِّيهِ، وَقَدْ أَجَابَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي ابْنِ صَيَّادٍ مِنْ كِتَابِ الِاعْتِصَامِ عَنْ هَذَا الْإِعْلَالِ بِقَوْلِهِ: وَلِشِدَّةِ الْتِبَاسِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. أَيْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ صَيَّادٍ - سَلَكَ الْبُخَارِيُّ مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فِي ابْنِ صَيَّادٍ، وَلَمْ يُخَرِّجْ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي قِصَّةِ تَمِيمٍ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَرْدٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ رَوَاهُ مَعَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَجَابِرٌ أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُحْرِزِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ بِطُولِهِ وَأَخْرَجَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>