(١٤) سُؤَالُهُ الرُّسُلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِ التَّبْلِيغِ وَسُؤَالُ الْأُمَمِ عَنِ الْإِجَابَةِ وَهُوَ نَصُّ الْآيَةِ السَّادِسَةِ.
(١٥) جَزَاءُ بَنِي آدَمَ عَلَى اتِّبَاعِ الرُّسُلِ وَطَاعَتِهِمْ، وَعَلَى تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُمْ وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ وَهُوَ فِي الْآيَتَيْنِ ٣٥ و٣٦.
(١٦) وَظِيفَةُ الرُّسُلِ تَبْلِيغُ رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ: بِشَارَةً وَإِنْذَارًا، قَوْلًا وَعَمَلًا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْآيَاتِ: ٢ و٦٢ و٩٣ و١٨٨.
(١٧) أَوَّلُ مَا دَعَا إِلَيْهِ الرُّسُلُ تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ بِالْأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَنَفْيِ عِبَادَةِ إِلَهٍ غَيْرِهِ، كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْآيَاتِ ٥٩ و٦٥ و٧٠ و٧٣ و٨٥.
(١٨) مَجِيءُ الرُّسُلِ بِالْبَيِّنَاتِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَهِيَ تَشْمَلُ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةَ وَالْحُجَجَ الْعَقْلِيَّةَ كَمَا تَرَى فِي الْآيَاتِ ١٣ و٨٥ و١٠٣ و١٠٥ و١٠٧ و١٠٨.
(١٩) الْآيَاتُ الْكَوْنِيَّةُ الَّتِي أَيَّدَ اللهُ تَعَالَى بِهَا رُسُلَهُ هِيَ حُجَّةٌ لَهُمْ عَلَى الْأُمَمِ، وَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لِلْإِيمَانِ اقْتِضَاءً عَقْلِيًّا، وَلَا مُلْجِئَةٍ إِلَيْهِ طَبْعًا، وَلَوْ كَانَتْ مُقْتَضِيَةً لَهُ قَطْعًا أَوْ مُلْجِئَةً إِلَيْهِ طَبْعًا لَمَا تَخَلَّفَ عَنْهَا، وَلَكَانَ خِلَافَ مُقْتَضَى التَّكْلِيفِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَالْمُلْجَأُ لَا يَسْتَحِقُّ جَزَاءً. وَنَحْنُ نَرَى فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ السَّحَرَةَ قَدْ آمَنُوا يَقِينًا عَلَى عِلْمٍ، وَأَنَّ الْجَمَاهِيرَ مِنْ قَوْمِهِ ظَلُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَتْهُمُ الْآيَةُ
الْكُبْرَى قَالُوا إِنَّهَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (٢٧: ١٤) أَيْ: عَانَدُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنَادًا بِإِظْهَارِ الْكُفْرِ بِهَا فِي الظَّاهِرِ مَعَ اسْتِيقَانِهَا فِي الْبَاطِنِ، وَأَنَّ سَبَبَ هَذَا الْجُحُودِ هُوَ الظُّلْمُ وَالْعُلُوُّ وَالْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ، وَهَذَا وَصْفُ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ أَيْ كِبَارِ رِجَالِ دَوْلَتِهِ، إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ سَائِرَ الشَّعْبِ كَانَ مُسْتَذَلًّا. وَهُوَ مُقَلِّدٌ لِلرُّؤَسَاءِ لِجَهْلِهِ، وَقَدْ صَدَّقَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ مُوسَى سَاحِرٌ، وَإِنَّ السَّحَرَةَ كَانُوا مُتَوَاطِئِينَ مَعَهُ، وَلِذَلِكَ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ بِهِ; لِأَجْلِ إِخْرَاجِ فِرْعَوْنَ وَرِجَالِ دَوْلَتِهِ مِنْ مِصْرَ، وَالتَّمَتُّعِ بِكِبْرِيَاءِ الْمُلْكِ بَدَلًا مِنْهُمْ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخْرَى، وَلَوْ فَهِمَ جُمْهُورُ الشَّعْبِ مِنَ الْآيَاتِ مَا فَهِمُوا لَآمَنَ كَمَا آمَنُوا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ مِنْ عُتُوِّ الْعُلُوِّ وَالْكِبْرِيَاءِ مَا يَصْرِفُهُ عَنِ الْإِيمَانِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّحَرَةَ كَانُوا أَكْرَمَ مَنْزِلَةً فِي الدَّوْلَةِ مِنْ سَائِرِ الشَّعْبِ، وَلَكِنَّ كَرَامَتَهُمْ لَمْ تَكُنْ بَالِغَةً دَرَجَةَ الْعَظَمَةِ وَالْعُلُوِّ الْمَانِعَةِ لِصَاحِبِهَا مِنْ تَرْكِهَا لِأَجْلِ الْحَقِّ، وَقَدِ امْتَازَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ جَعَلَ اللهُ آيَةَ نُبُوَّتِهِ الْكُبْرَى عِلْمِيَّةً لَا صُعُوبَةَ فِي فَهْمِ دَلَالَتِهَا عَلَى عَامِّيٍّ وَلَا خَاصِّيٍّ، عَلَى أَنَّهُ أَيَّدَهُ فِي زَمَنِهِ بِعِدَّةِ آيَاتٍ كَوْنِيَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute