للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ (النَّفْلُ) بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ، وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْغُزَاةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ مِنَ الْغَنَائِمِ لِمَصْلَحَةٍ اسْتَحَقَّهُ بِهَا قِيلَ: يَكُونُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ (وَالسَّلَبُ) وَهُوَ مَا يُسْلَبُ مِنَ الْمَقْتُولِ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ سِلَاحٍ وَثِيَابٍ، وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَدَاةِ الْحَرْبِ يُعْطَى لِلْقَاتِلِ قِيلَ: مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَ (الصَّفِيُّ) وَكَانَ لِلرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يَصْطَفِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ سَهْمًا لَهُ خَاصًّا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ السَّبْيِ أَوِ الْخَيْلِ أَوِ الْأَسْلِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النَّفَائِسِ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ إِمَامٌ.

(تَفْسِيرُ الْآيَةِ)

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْآيَتَيْنِ

اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَ " أَنَّ مَا " رُسِمَتْ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ مَوْصُولَةً هَكَذَا: أَنَّمَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ فَرْضِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ كَانَ بِهَا، وَلَكِنَّ أَهْلَ السَّيْرِ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا شُرِعَتْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَبَعْضُهُمْ أَنَّهَا لَمْ تُبَيَّنْ بِالصَّرَاحَةِ إِلَّا فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ فِي رَجَبٍ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ، قَالَ: ذَكَرَ لِي بَعْضُ آلِ جَحْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِمَّا غَنِمْنَا الْخُمُسَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللهُ الْخُمُسَ، فَعَزَلَ لَهُ الْخُمُسَ، وَقَسَّمَ سَائِرَ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ (قَالَ) : فَوَقَعَ رِضَا اللهِ بِذَلِكَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ فِي بَدْرٍ وَغَنَائِمِهَا. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ آيَةَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ نَزَلَتْ بَعْدَ تَفْرِقَةِ الْغَنَائِمِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السِّيَرِ نَقَلُوا أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَسَمَهَا عَلَى السَّوَاءِ، وَأَعْطَاهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ أَوْ غَابَ لَعُذْرٍ تَكَرُّمًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ كَانَتْ أَوَّلًا بِنَصِّ أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (قَالَ) : وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ حَدِيثُ عَلِيٍّ حَيْثُ قَالَ: وَأَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ: فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ فِيهَا خُمُسٌ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ وَغَيْرِهِ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ إِلَخْ. قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِهِ مِنَ الْفَتْحِ عَقِبَ نَقْلِ عِبَارَةِ السُّبْكِيِّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>