(٥٩: ٧ - ١٠) وَلَمَّا قَرَأَهَا عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: هَذِهِ اسْتَوْعَبَتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَصْرِفُهُ إِلَى الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَصْلَحَتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ.
" وَاخْتَلَفَتِ السُّنَنُ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْفَيْءِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ قَسَمَهُ فِي يَوْمِهِ فَأَعْطَى الْآهِلَ حَظَّيْنِ، وَأَعْطَى الْأَعْزَبَ حَظًّا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَلِلْعَبْدِ يَتَوَخَّى كِفَايَةَ الْحَاجَةِ، وَوَضَعَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ الدِّيوَانَ عَلَى السَّوَابِقِ وَالْحَاجَاتِ، فَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ وَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ، وَالرَّجُلُ وَعِيَالُهُ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ، وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَتَوَخَّى كُلٌّ الْمَصْلَحَةَ بِحَسَبِ مَا رَأَى فِي وَقْتِهِ.
" وَالْأَرَاضِي الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ لِلْإِمَامِ فِيهَا الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا فِي الْغَانِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَوْقَفَهَا عَلَى الْغُزَاةِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِخَيْبَرَ قَسَمَ نِصْفَهَا، وَوَقَفَ نِصْفَهَا، وَوَقَفَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَرْضَ السَّوَادِ، وَإِنْ شَاءَ أَسْكَنَهَا الْكُفَّارَ ذِمَّةً لَنَا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُعَاذًا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ، وَفَرَضَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَلَى الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمَلِ اثْنَيْ عَشَرَ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَدْرَهُ مُفَوَّضٌ إِلَى الْإِمَامِ يَفْعَلُ مَا يَرَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ سِيَرُهُمْ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدِي فِي مَقَادِيرِ الْخَرَاجِ، وَجَمِيعِ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ سِيَرُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَخُلَفَائِهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ وَإِنَّمَا أَبَاحَ اللهُ لَنَا الْغَنِيمَةَ وَالْفَيْءَ لِمَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيْثُ قَالَ: لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا وَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: إِنَّ اللهَ فَضَلَّ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ وَقَدْ شَرَحْنَا هَذَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَلَا نُعِيدُهُ.
وَالْأَصْلُ فِي الْمَصَارِفِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْمَقَاصِدِ أُمُورٌ (مِنْهَا) إِبْقَاءُ نَاسٍ لَا يَقْدِرُونَ
عَلَى شَيْءٍ لِزَمَانَةٍ أَوْ لِاحْتِيَاجِ مَالِهِمْ أَوْ بُعْدِهِ مِنْهُمْ. (وَمِنْهَا) حِفْظُ الْمَدِينَةِ عَنْ شَرِّ الْكُفَّارِ بِسَدِّ الثُّغُورِ وَنَفَقَاتِ الْمُقَاتِلَةِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ. (وَمِنْهَا) تَدْبِيرُ الْمَدِينَةِ وَسِيَاسَتُهَا مِنَ الْحِرَاسَةِ وَالْقَضَاءِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْحِسْبَةِ. (وَمِنْهَا) حِفْظُ الْمِلَّةِ بِنَصْبِ الْخُطَبَاءِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْوُعَّاظِ وَالْمُدَرِّسِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute