للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَدِينَ مِنْهُمْ وَالنَّاكِحَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَسَهْمُ الْيَتَامَى لِصَغِيرٍ فَقِيرٍ لَا أَبَ لَهُ، وَسَهْمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَهُمْ، يُفَوَّضُ كُلُّ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِي الْفَرْضِ، وَتَقْدِيمِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَيَفْعَلُ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ فِي الْغَانِمِينَ.

يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ (أَوَّلًا) فِي حَالِ الْجَيْشِ، فَمَنْ كَانَ نَفْلُهُ أَوْفَقَ بِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ نَفَلَ لَهُ، وَذَلِكَ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: (أُولَاهَا) أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَبَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ عَلَى قَرْيَةٍ مَثَلًا فَيَجْعَلُ لَهَا الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَمَا قَدِمَتْ بِهِ السَّرِيَّةُ رَفَعَ خُمُسَهُ ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ رُبُعَ مَا غَبَرَ أَوْ ثُلُثَهُ وَجَعَلَ الْبَاقِيَ فِي الْمَغَانِمِ.

(وَثَانِيَتُهَا) أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ جُعْلًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ غَنَاءٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ،

مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ طَلَعَ هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ كَذَا، مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا، مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَإِنْ شَرَطَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَعْطَى مِنْهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَعْطَى مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ.

(وَثَالِثَتُهَا) أَنْ يَخُصَّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ لِعَنَائِهِ وَبَأْسِهِ كَمَا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، حَيْثُ ظَهَرَ مِنْهُ نَفْعٌ عَظِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ السَّلَبَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ بِجَعْلِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقَتْلِ أَوْ تَنْفِيلِهِ بَعْدَهُ، وَيَرْفَعُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْضَخَ دُونَ السَّهْمِ لِلنِّسَاءِ يُدَاوِينَ الْمَرْضَى، وَيَطْبُخْنَ الطَّعَامَ، وَيُصْلِحْنَ شَأْنَ الْغُزَاةِ، وَلِلْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ أَذِنَ لَهُمُ الْإِمَامُ إِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ نَفْعٌ لِلْغُزَاةِ، وَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ كَانَ مَالَ مُسْلِمٍ ظَفِرَ بِهِ الْعَدُوُّ رُدَّ عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ، ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ، لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ. وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَزِيدَ لِرُكْبَانِ الْإِبِلِ أَوْ لِلرُّمَاةِ شَيْئًا أَوْ يُفَضِّلُ الْعِرَابَ عَلَى الْبَرَاذِينِ بِشَيْءٍ دُونَ السَّهْمِ فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَهْلَ الرَّأْيِ، وَيَكُونُ أَمْرًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ، وَبِهِ يُجْمَعُ (بَيْنَ) اخْتِلَافِ سِيَرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ فِي الْبَابِ، وَمَنْ بَعَثَهُ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ كَالْبَرِيدِ وَالطَّلِيعَةِ وَالْجَاسُوسِ يُسْهَمُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ كَمَا كَانَ لِعُثْمَانَ يَوْمَ بَدْرٍ.

" وَأَمَّا الْفَيْءُ فَمَصْرِفُهُ مَا بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى حَيْثُ قَالَ: مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِلَى قَوْلِهِ: رَءُوفٌ رَحِيمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>