للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَتَعَرَّفُ أُمُورَهُمْ ; لِيُخْبِرَ بِهَا مَنْ فَوْقَهُ مِنْ أُمَرَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ، وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَحَسُنَ. وَإِنَّمَا أَخَّرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ لِأَجْلِ عِتْقِ السَّبْيِ.

قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَتْحِ: سَاقَ الزُّهْرِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرَةً، وَقَدْ سَاقَهَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي مُطَوَّلَةً، وَلَفْظُهُ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ إِلَى الْجِعْرَانَةِ وَبِهَا السَّبْيُ - يَعْنِي سَبْيَ هَوَازِنَ - وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فِيهِمْ تِسْعَةُ نَفَرٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا ثُمَّ كَلَّمُوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فِيمَنْ أَصَبْتُمُ الْأُمَّهَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَهُنَّ مَخَازِي الْأَقْوَامِ فَقَالَ: " سَأَطْلُبُ لَكُمْ وَقَدْ وَقَعَتِ الْمَقَاسِمُ، فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ؟ أَلسَّبْيُ أَمِ الْمَالُ؟ " قَالُوا: خَيَّرْتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ بَيْنَ الْحَسَبِ وَالْمَالِ فَالْحَسَبُ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَلَا نَتَكَلَّمُ فِي شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ. فَقَالَ: " أَمَّا الَّذِي لِبَنِي هَاشِمٍ فَهُوَ لَكُمْ، وَسَوْفَ أُكَلِّمُ لَكُمُ الْمُسْلِمِينَ فَكَلِّمُوهُمْ وَأَظْهِرُوا إِسْلَامَكُمْ " فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْهَاجِرَةَ قَامُوا فَتَكَلَّمَ خُطَبَاؤُهُمْ فَأَبْلَغُوا وَرَغِبُوا إِلَى الْمُسْلِمِينَ رَدَّ سَبْيَهُمْ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ فَرَغُوا فَشَفَعَ لَهُمْ وَحَضَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ: " لَقَدْ رَدَدْتُ الَّذِي لِبَنِي هَاشِمٍ عَلَيْهِمْ " فَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَدَدُ الْوَفْدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى اهـ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ رِوَايَةَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ: وَأَدْرَكَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ قَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ. وَقَامَ خَطِيبُهُمْ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللَّوَاتِيَ فِي الْحَظَائِرِ مِنَ السَّبَايَا خَالَاتُكَ وَعَمَّاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَكْفُولٍ. ثُمَّ أَنْشَدَ الْأَبْيَاتَ الْمَشْهُورَةَ أَوَّلُهَا:

امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَدَّخِرُ

وَيَقُولُ فِيهَا:

امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... إِذْ فُوكَ تَمْلَؤُهُ مِنْ مَحْضِهَا الدُّرَرُ

ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ نَحْوَ سِيَاقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ اهـ. وَيَعْنِي الشَّاعِرُ الْخَطِيبُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ قَرَابَةِ السَّبَايَا لِلْمُصْطَفَى ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَرَابَةَ الرَّضَاعِ، فَقَدْ كَانَ بَنُو سَعْدٍ مِنْ هَوَازِنَ وَكَانَ فِي السَّبَايَا أُخْتُهُ (الشَّيْمَاءُ) وَقَدْ أَكْرَمَهَا وَحَبَاهَا، وَقِيلَ: كَانَ فِيهِمْ (حَلِيمَةُ) مُرْضِعَتُهُ أَيْضًا، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الْوَفْدِ عَمُّهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو مَرْوَانَ، وَيُقَالُ: ثَرَوَانُ وَبُرْقَانُ، كَمَا كَانَ هَذَا الْخَطِيبُ مِنْهُمْ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>