للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُمْ مِنْ شَرِّ هَوَازِنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِهِمْ طَاقَةٌ، وَإِنَّمَا نُصِرُوا عَلَيْهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أُفْرِدُوا عَنْهُمْ لَأَكَلَهُمْ عَدُوُّهُمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا اللهُ تَعَالَى اهـ.

ثُمَّ عَقَدَ فُصُولًا أُخْرَى لِمَا فِيهَا مِنْ أَحْكَامِ الْفِقْهِ.

افْتِرَاءُ الرَّوَافِضِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ

(وَالطَّعْنُ فِي جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَحُفَّاظِ السُّنَّةِ)

مُلَخَّصُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أَنْ جَيْشَ الْمُسْمِلِينَ كَانَ ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ جَيْشِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ كَانَ فِيهِ أَلْفَانِ مِنَ الطُّلَقَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْهُمُ الْمُنَافِقُ الْمُصِرُّ عَلَى شِرْكِهِ، الَّذِي يَتَرَبَّصُ بِالْمُؤْمِنِينَ الدَّوَائِرَ لِيَثْأَرَ مِنْهُمْ، وَالَّذِي يُرِيدُ قَتْلَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ

ضُعَفَاءُ الْإِيمَانِ وَالشُّبَّانُ الَّذِينَ جَاءُوا لِلْغَنِيمَةِ لَا لِإِعْزَازِ الْحَقِّ بِالْجِهَادِ.

وَأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ رَشْقُ النِّبَالِ كَرِجْلِ الْجَرَادِ فَرَّ هَؤُلَاءِ وَأَدْبَرُوا فَذُعِرَ الْجَيْشُ، وَفَرَّ غَيْرُهُمُ اضْطِرَابًا، كَمَا هِيَ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَا جُبْنًا، وَكَانَتْ حِكْمَةُ اللهِ فِي ذَلِكَ تَرْبِيَةَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ. وَثَبَتَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَعَادَتِهِ، وَثَبَتَ مَعَهُ مَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا يُفَارِقُونَهُ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانُوا ثَمَانِينَ رَجُلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ عَدَّهُمْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا عَدَّ مَنْ رَآهُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّ سَائِرَ الْجَيْشِ قَدِ انْهَزَمَ جُبْنًا، وَتَرَكَ الرَّسُولَ وَهُوَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ عَمْدًا، بَلْ وَلَّى الْجُمْهُورُ مُدْبِرِينَ بِالتَّبَعِ لِلطُّلَقَاءِ وَالْأَحْدَاثِ الَّذِينَ فَرُّوا مِنْ رَشْقِ السِّهَامِ، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْأُلُوفِ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا عَرَفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمَّا عَلِمَ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ وَلَاسِيَّمَا الْأَنْصَارُ بِمَكَانِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ نِدَاءِ الْعَبَّاسِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَسْرَعُوا فِي الْعَطْفِ وَالرُّجُوعِ. هَذَا مَا رَوَاهُ الْمُحَدِّثُونَ وَالْمُؤَرِّخُونَ.

وَأَمَّا الرَّوَافِضُ فَإِنَّهُمْ يَطْعَنُونَ كَعَادَتِهِمْ فِي جَمِيعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ فَرُّوا كُلُّهُمْ جُبْنًا وَعِصْيَانًا لِلَّهِ، وَإِسْلَامًا لِرَسُولِهِ إِلَى الْهَلَكَةِ، وَاسْتَحَقُّوا غَضَبَهُ تَعَالَى وَوَعِيدَهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، إِلَّا نَفَرَا قَلِيلًا لَا يَتَجَاوَزُونَ الْعَشَرَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا بِالتَّبَعِ لِثَبَاتِ عَلِيٍّ كَرَمَ اللهُ وَجْهَهُ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ وَحْدَهُ بِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ لَوْلَاهُ لَقُتِلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَزَالَ الْإِسْلَامُ مِنَ الْأَرْضِ.

ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ ٣، ٤ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ كِتَابًا لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ الْمُعَاصِرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>