للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيْسَ فِي الْتِزَامِ الشَّيْخَيْنِ لِلصِّدْقِ مَثَارٌ لِلْعَجَبِ، وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنْ هَذَا الرَّافِضِيِّ كَيْفَ لَمْ يَسْتَحْيِ مِنَ اللهِ حَيْثُ أَسْنَدَ إِلَى كِتَابِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، بَلْ مَا فِيهِ خِلَافُهُ أَيْضًا مِنْ رِضَاهُ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَحَيْثُ أَقْسَمَ بِهِ أَنَّهُ مَا ثَبَتَ أَحَدٌ فِي حُنَيْنٍ إِلَّا عَلِيٌّ وَثَلَاثةٌ أَوْ تسعةٌ ثَبَتُوا بِثَبَاتِ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ لَا بِشَجَاعَتِهِمْ وَلَا بِإِيمَانِهِمْ وَلَا بِحِرْصِهِمْ عَلَى حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.

ثُمَّ كَيْفَ لَمْ يَسْتَحْيِ مِنْهُ تَعَالَى وَمِنْ رَسُولِهِ وَسَيِّدِ خَلْقِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ فَضْلٌ إِلَّا مِنْ فَضْلِهِ، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ لَوْلَاهُ لَقُتِلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَذَهَبَ الدِّينُ وَالدَّوْلَةُ، وَهَلَكَتِ الْأُمَمُ وَانْقَرَضَتْ؟ فَجَعَلَ لَهُ الْمِنَّةَ وَحْدَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى دِينِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ بِمَا افْتَرَاهُ مِنْ ثَبَاتِهِ وَحْدَهُ مَعَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ ثَبَاتُهُ وَحْدَهُ لَمَا اقْتَضَى كُلَّ هَذِهِ الْمِنَنِ فَإِنَّ النَّصْرَ لَمْ يَكُنْ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوَّلًا، بَلْ بِفَضْلِ اللهِ ثُمَّ تَأْيِيدِهِ، وَبِعَوْدِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَى الْقِتَالِ، وَإِنْزَالِ مَلَائِكَتِهِ لِتَثْبِيتِهِمْ فِي مَوَاقِفِ النِّزَالِ.

أَلَمْ يُؤْمِنْ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (٥: ٦٧) فَكَيْفَ يُسَلِّطُ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ.

أَوَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ قَصَدُوا قَتْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِرَارًا فَعَصَمَهُ اللهُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مَعَهُ؟ .

أَلَمْ يُؤْمِنْ بِمَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ وَعْدِ اللهِ لِرَسُولِهِ بِالنَّصْرِ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَمِنْ إِيعَادِ أَعْدَائِهِ بِالْخِذْلَانِ؟ وَمِنْ ذَلِكَ جَزْمُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِأَنَّ مَا جَمَعَتْهُ هَوَازِنُ لِقِتَالِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حُنَيْنٍ غَنِيمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ - فَكَيْفَ يَقُولُ: إِنَّهُ لَوْلَا عَلِيٌّ لَقُتِلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَزَالَتْ دَوْلَةُ الْإِسْلَامِ وَهَلَكَتِ الْأُمَمُ؟ وَهَلْ كَانَتْ هَوَازِنُ قَادِرَةً عَلَى مَا عَجَزَ عَنْهُ سَائِرُ الْعَرَبِ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أَقْوَى مِنْهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَنَصْرُ اللهِ فَوْقَ ذَلِكَ؟ .

أَلَم يَكْتَفِ بِجَعْلِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْعَارِ وَالِافْتِرَاءِ ذَرِيعَةً لِلطَّعْنِ فِي جَمِيعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَتَّى الثَّلَاثَةِ أَوِ التِّسْعَةِ الَّذِينَ اعْتَرَفَ بِفَضْلِهِمْ لِنَسَبِهِمْ، وَإِنْزَالِ السِّكِّينَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي أَجَّلِ رُوَاةِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَمُمَحِّصِيهَا مِنَ الْكَذِبِ، حَتَّى جَعَلَ الْمِنَّةَ لِعَلِيٍّ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ فِي حَيَاتِهِ وَبُلُوغِ دَعْوَتِهِ وَتَأْيِيدِ اللهِ وَنَصْرِهِ لَهُ وَبَقَاءِ دِينِهِ وَأُمَّتِهِ؟ ؟ .

أَبِمِثْلِ هَذَا تَكُونُ دَعَايَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الرَّفْضِ وَتَحْقِيرِ الصَّحَابَةِ وَرِجَالِ السُّنَّةِ؟ .

وَالَّذِي يَعْلَمُهُ بِالْبَدَاهَةِ كُلُّ صَحِيحِ الْعَقْلِ مُسْتَقِلِّ الْفِكْرِ مُطَّلِعٍ عَلَى تَارِيخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ لَمْ يَكُونُوا جُبَنَاءَ، بَلْ كَانُوا أَشْجَعَ خَلْقِ اللهِ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَيَّدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِنَصْرِهِ وَبِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>