للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ فَرَّعَ مِنْ هَذِهِ التَّخَيُّلَاتِ الشِّعْرِيَّةِ وَالتَّهْوِيلَاتِ الْخَطَابِيَّةِ، وَالْمُفْتَرَيَاتِ الرَّافِضِيَّةِ، تَخْطِئَةَ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي تَوْلِيَةِ أَمْرِهَا (يَعْنِي الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى) غَيْرَ صَاحِبِ هَذِهِ الْمِنَّةِ عَلَيْهَا وَعَلَى الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ وَعَلَى. . . . مَنِ اسْتَغْفَرَ اللهَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَاكَى الْكُفْرِ لَيْسَ بِكَافِرٍ.

ثُمَّ قَفَّى عَلَى تَخْطِئَةِ الْأُمَّةِ بِتَخْطِئَةِ الشَّيْخَيْنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ رُوَاةِ صِحَاحِ السُّنَّةِ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِيَا فِي الْقِصَّةِ مَا افْتَرَاهُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ عَلَى اللهِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى رَسُولِهِ فِي سُنَّتِهِ، وَعَلَى خِيرَةِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَدْ بَدَأَ طَعْنُهُ فِي الشَّيْخَيْنِ بِقَصْدِ هَذِهِ السُّنَّةِ، وَصَرْفِ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: " وَاعْجَبْ لِلشَّيْخَيْنِ فِي صَحِيحِيهِمَا كَيْفَ لَمْ يَذْكُرَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ وَالنَّصْرِ الْبَاهِرِ شَيْئًا، وَقَدْ نَطَقَ بِذَلِكَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَسَنَرُدُّ طَعْنَهُ عَلَى الشَّيْخَيْنِ فِي نَحْرِهِ فِي النَّارِ، وَإِنَّمَا غَرَضُنَا فِي التَّفْسِيرِ الدِّفَاعُ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَالْكَذِبِ عَلَيْهِ.

إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ هُوَ الَّذِي نَصَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي حُنَيْنٍ لَا بِمَنْطُوقٍ وَلَا مَفْهُومٍ، وَإِنَّمَا أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ (٢٥) وَقَالَ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٢٦) وَلَمْ يَقُلْ: (وَعَلَى عَلِيٍّ) وَحْدَهُ، وَلَا عَلَى الثَّلَاثَةِ أَوِ التِّسْعَةِ الَّذِينَ زَعَمَ الشِّيعَةُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَيْرُهُمْ. وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ ثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا عُرِفُوا بِأَسْمَائِهِمْ وَهُوَ لَا يَنْفِي ثَبَاتَ غَيْرِهِمْ أَيْضًا; لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ. وَقَالَ: وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا (٢٦) وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي عَذَّبَهُمْ،

وَهُوَ الَّذِي هَزَمَهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَرُوَاةُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ.

فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ كَتَمُوهَا; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُمُونَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ وَحْدَهُ (قُلْنَا) : إِنَّهُمْ لَمْ يَرْوُوا مِنْ مَنَاقِبِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِقَدْرِ مَا رَوَوْا مِنْ مَنَاقِبِهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَعَنْهُمْ، وَمِمَّا رَوَوْا ثَبَاتُهُ مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَتَخْصِيصُ الشَّيْخَيْنِ عَبَّاسًا وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بِالذِّكْرِ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمَا بِشُرُوطِهِمَا الْمَعْرُوفَةِ، كَمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَيْضًا وَهُوَ قَدْ نَقَلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ رِوَايَةً مُعَلَّقَةً زَعَمَ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ كَانَ مِنَ الْمُدْبِرِينَ، وَلَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا مَا فِي مَنَاقِبِ مُعَاوِيَةَ وَرَوَى الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ.

وَإِذَا كَانَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَدْ تَرَكَا الرِّوَايَةَ عَمَّنْ لَا يَثِقَانِ بِعَدَالَتِهِ مِنَ الرَّوَافِضِ فَهَلْ يُلَازِمَانِ وَنَحْنُ نَرَى مِثْلَ هَذَا الْمُؤَلِّفِ يَفْتَرِي الْكَذِبَ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَيُحَرِّفُ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى غُلُوًّا فِي عَلِيٍّ (كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَأَغْنَاهُ بِمَنَاقِبِهِ الْكَثِيرَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ ذَلِكَ) وَإِزْرَاءً وَقَدْحًا فِي خِيَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَطَعْنًا فِيهِمْ بِالْبَاطِلِ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>