الْبَدْءُ بِالْجِهَادِ الدِّينِيِّ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ. مِنْ قَوْلٍ، وَمَالٍ، وَنَفْسٍ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَبَثِّ الدَّعْوَةِ لِذَلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
يَقُولُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْإِحْصَاءِ الْبَشَرِيِّ الْعَامِّ: إِنَّ عَدَدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ بَلَغَ أَرْبَعَمِائَةِ مِلْيُونِ نَسَمَةٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَهَلْ يَرْضَوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ يَمْلِكُونَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَسَاحَةِ أُورُبَّةَ كُلِّهَا أَضْعَافًا أَنْ يَكُونُوا أَذَلَّ وَأَحْقَرَ وَأَجْبَنَ مِنَ الْيَهُودِ الصَّهْيُونِيِّينَ الَّذِينَ لَا يَبْلُغُونَ عُشْرَ عُشْرِهِمْ، وَهُمْ يَرَوْنَهُمْ يُقْدِمُونَ عَلَى انْتِزَاعِ فِلَسْطِينَ مِنْهُمْ؟ وَيَرَوْنَ مَعَ هَذَا أَنَّ حَرَمَ اللهِ تَعَالَى وَحَرَمَ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مُهَدَّدَانِ بِالْخَطَرِ بَعْدَ ثَالِثِهِمَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قَدِ انْتَقَصَا مِنْ أَطْرَافِهِمَا، وَاغْتُصِبَتِ السِّكَّةُ الْحَدِيدِيَّةُ الْوَحِيدَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَيْهِمَا، وَهُمْ سَاكِنُونَ سَاكِتُونَ، وَدِينُهُمْ يُوجِبُ عَلَيْهِمْ إِعَادَةَ دَارِ الْإِسْلَامِ وَحُكْمِ الْإِسْلَامِ، إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي سَالِفِ الْأَيَّامِ عَلَى اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي صَدْرِ هَذَا الْفَصْلِ. فَمِمَّ يَخَافُونَ؟ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَحْرِصُونَ؟ وَلِمَ يَعِيشُونَ؟ .
لَقَدْ دَلَّتْ أَفْعَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَرْبِ الْعَامَّةِ الْأَخِيرَةِ إِذْ كَانُوا يُقَاتِلُونَ دِفَاعًا عَنْ مُسْتَذِلِّيهِمْ وَمُسْتَعْبِدِيهِمْ وَدَلَّتِ الثَّوْرَةُ الْعَرَبِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَثْنَاءَ الْحَرْبِ،
وَالثَّوْرَاتُ الْمِصْرِيَّةُ فَالْعِرَاقِيَّةُ فَالسُّورِيَةُ فَالْمَغْرِبِيَّةُ الرِّيفِيَّةُ بَعْدَ الْحَرْبِ الْعَامَّةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ أَشْجَعَ الْأُمَمِ وَأَشَدَّهَا احْتِقَارًا لِهَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا سِيَّمَا الْعَرَبُ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا كَانَ سَبَبُ كُلِّ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالشَّقَاءِ وَفَقْدِ الِاسْتِقْلَالِ أَوَّلًا وَآخِرًا - فَسَادَ رُؤَسَائِهِمْ وَخِيَانَةَ أُمَرَائِهِمْ، وَجَهْلَ عَامَّةِ دَهْمَائِهِمْ، وَقَدْ آنَ لِلْجَاهِلِ أَنْ يُعَلَّمَ، وَلِلْفَاسِدِ أَنْ يَصْلُحَ وَلِلْخَائِنِ أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُقْتَلَ.
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ تَدَبَّرُوا قَوْلَ رَبِّكُمُ الْعَزِيزِ الْقَدِيرِ، الْوَلِيِّ النَّصِيرِ، الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٣٠: ٤٧) إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٤٧: ٧) وَإِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٤٠: ٥١) وَوَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (٤: ١٤١) وَوَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ (٢٢: ٤٧) وَلَكِنَّكُمْ نَقَضْتُمْ عَهْدَهُ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٤: ٣١) وَوَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٣: ١٣٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute